للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا اتصل خلفاء أمته وكان فيما شاعرهم المقدم.

ولشرح ذلك أيضاً يجب أن نعود إلى العصر الجاهلي وصدر الإسلام. فقد كان بين اليمن والعدنانيين عداوة سياسية جاهلية ازدادت منذ ابعد الأولون الحكم الإسلامي بعد وفاة الرسول وحصر الحكومة في قريش. ثم انتقلت العداوة بين البيوتات العدنانية أو المضرية، فكانت منافسة بين القبائل المضرية، وكانت بين بيت هاشم وأمية، ظهرت واضحة حين وقف علي ومعاوية كل لصاحبه ونتج عن ذلك انتقال الحكم إلى بني أمية على يد معاوية بن أبي سفيان.

وجد الأمويون أنفسهم أمام أعداء عديدين: اليمنيون ومنهم الأنصار سكان المدينة حين ظهر الإسلام والقبائل العدنانية الأخرى، ثم الهاشميون من قريش وكذلك الخوارج الذين أتعبوهم كثيرا، فلم يكن من معاوية إلا أنه تألف القبائل العربية، وهدأ العصبيات مدة حكمه، فما هو إلا من أن مات حتى ظهرت العصبيات شديدة، وكانت نتائج سياسية وأدبية معروفة.

ولم تكن صلة الاخطل بيزيد بن معاوية إلا ظاهرة من هذه الحال السياسية التي تقسمت العرب إليهم حمية الجاهلية الأولى. فوقفت الأحزاب تتحارب وتتنافس حتى قضت على الحكومة الأموية أولا وعلى الدولة الإسلامية أخرا. وكان لا بد للعصبية الأموية من شاعر ينصرها، وصحيفة تدفع عنها، والصحف الكبرى في ذلك العهد ثلاث: جرير والفرزدق والاخطل. فأما جرير فناشئ لم يظهر على أنه متأثم متحرج، فكيف يقف مع أمية في وجه بيت هاشم بيت الرسول؟ فاعتدل ولم يذم الهاشميين، كما أنه مدح الحكومة طلبا للمال والاحتماء بها. وأما الفرزدق فكان شيعيا وإن مدح الحكومة أحيانا أو حملته الحكومة على مدحها ونفحته بالمال اتقاء لسانه وشره، فلم يبق أمام البيت الحاكم سوى الاخطل الذي لا يعني بالمسألة الدينية الإسلامية، كما لا تهمه الحكومة ونوعها فوجه فيها الأمويون طلبتهم،

وأضافوه إليهم وسموه شاعرهم واحتملوا أن يشرب ويدخل ثملا بل أن يشرب في منازلهم وإن يدل عليهم، ذلك لأنه صحيفتهم ومادحهم الخاص. فضربوا به جريرا والفرزدق، وأغنوه بالمال الجزيل. وأما حكايته مع يزيد بن معاوية فتلك أن عبد الرحمن بن حسان

<<  <  ج: ص:  >  >>