والثقافة، وثانيهم - أنها ساعدت في إثبات كثير من الشعر الجاهلي حين عرض له الشك والانتحال أمام مذاهب النقد الحديثة.
فاستكشاف هذه المدرسة المضرية كان ذا أثر ثمين في تحقيق شعر تلاميذها، وفي إقامة الفنون البيانية في فجر التاريخ الأدبي.
نقول أن الاخطل درس في هذه المدرسة المضرية واخذ عن تلاميذها، فكان شعره صورة صادقة من شعرهم، ولولا شيء من موضوعاته الاجتماعية والسياسية والتاريخية لأضيف شعره إلى الجاهلية دون خوف من أصول الفن!
ولم يقتصر الاخطل على احتذاء هؤلاء في طريقة التشبيه، واخذ المعاني وتربيتها وتهذيب الشعر وأحكامه، بل تعدى ذلك إلى معارضة قصيدهم واخذ عباراتهم برمتها ونصها.
عارض النابغة في داليته، وعارض كعبا في لاميته وعارض زهير في أكثر شعره، واخذ منه الشطرة والعبارة وأخذاه حتى في أجزاء القصيدة الواحدة. ترى ذلك إذا قرأت شعرهم جميعا، ولولا خوف الإطالة لوضعت يدك على أمثلة كثيرة.
ووجه الغرابة في ذلك أن الاخطل ربعي فكيف يأخذ شعره عن مضر؟ قد يكون سبب ذلك أن ليس لربيعة شعر جاهلي صحيح يأخذ عنه الاخطل، وقد يكون السبب أن الشعر المعروف لربيعة مهلهل النسج ضعيف الأسر لم يرق الاخطل فيحتذيه، فأختار الشعر المضري نموذجه فأفاد منه. وإتماما للموضوع اذكر الأعشى وهو ربعي يقرب مذهبه من مذهب المضريين، ولعل الاخطل أخذ عنه شيئا واحدا موضوعيا وهو القول في الخمر.
وأما من عدا الأعشى من شعراء ربيعة فشعرهم مضطرب النسيج.
٤ - بعد أن نبغ الاخطل وجد في قومه شاعرا هجاء أيضاً هو كعب بن جميل التغلبي، اشتبك معه الاخطل في الهجاء فأخمله الاخطل، وأحتاج يزيد بن معاوية إلى شاعر يرد على الأنصار عدوانهم فذهب إلى كعب فأبى وخاف معاوية ولكنه دله على الاخطل، يريد إيقاعه في الشر، فكان الخير في ذلك للاخطل