هو طائر جميل الشكل عند أناس، قبيح الصورة عند آخرين وهو يختفي في النهار ويطير في الليل. والعامة تعتقد فيه الشؤم والشر؛ والدليل على ذلك انهم يعدون قول أحدهم للآخر:(أنت بومة) أو (وجهك وجه البومة) أو (بومة الديار أو (بومة الخرائب) شتما وسبابا. ومن
عادتهم إذا صرخ هذا الطائر ليلا ومر على البيوت صفقوا بأيديهم مرات وصرخوا قائلين:(سكين وملح). وبعضهم يعتقد أن في صياحه إشارة إلى أن غائبا يحضر عند أهله وهناك أسطورة شائعة على أفواه العوام، مغزاها: أن البوم هو الذي جعل (كسرى) يكون عادلا: بعد أن كان ظالما سفاكا للدماء.
وهذه الحكاية ينقلها الرجال الخرافيون والعجائز الخرافيات وهي: كان أحد الأكاسرة ظالما فتاكا يرتاح إلى سفك الدماء وإزهاق الأرواح وكان له وزير وهبه الله حظا وافرا من العقل والفطنة والتدبير فأرق كسرى ذات ليلة أرقا شديدا وكان الوزير يتمشى معه على سطح القصر ويقص عليه أخبار الأولين ووقائع الأقدمين فوقف كسرى بغتة محولا نظره إلى الجنة المحيطة بقصره وقال للوزير: إلا تسمع صراخ هاتين البومتين؟ فقال له الوزير: بلى فقال ليتني اعلم ما تقولان فقال الوزير: أني أعرف منطق الطير وقد فهمت الحوار الذي دار بينهما، إلا أني أخشى أن أقصه على الملك لئلا يسخط علي ويغضب فقال له كسرى: قل، ولك الأمان.
فقال الوزير: أن إحدى هاتين البومتين خاطبت صاحبتها قائلة: أني أريد أن اتخذ ابنتك زوجا لابني فقالت لها الأخرى: إنني راضية بما تقولين ولكني أريد سبعة بيوت خربة مهرا لابنتي فأجابتها رفيقتها: (ما طول كسرى كسرى ما تعمر ديار) أي ما دام كسرى في قيد الحياة فلا تعمر ديار أي خذي ما شئت لابنتك من البيوت الخربة.
وتعتقد العامة أن الوزير أراد أن يفهم الملك ظلمه وسوء سلوكه على لسان الطير. فاعتبر الملك بكلام الوزير وهجر الظلم والعسف وعدل عنه منذ ذلك اليوم وراف بالناس ورحمهم وقد أصبحت كلمة (ما طول كسرى كسرى ما تعمر