للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا أزال أذكر تلك الليلة التي ضمنا فيها مجلس أدبي كان فيه بعض الأفاضل وجلهم من خريجي الحقوق في بغداد وكان موضوع البحث (الأدب القومية واللغات وتاريخها) واللغات الشرقية وآدابها إلى أن جاء الكلام عن اللغة الكردية فأتفق الجميع على أنها (رطانة جافة) مزيج من العربية والفارسية وأنها ليست سوى لغة العجم الدارجة وحاولت إقناعهم عبثا بأنها لغة مستقلة لها آداب وتاريخ ودواوين وأدباء. لكن الأكثرية كانت علي فغلبت على

أمري وأنا أحرق الارم من الغيظ لا لجهل أصحابي فإن جهل هذا الموضوع عام يشترك فيه بل لخمول الأكراد أنفسهم - وأنا في طليعتهم - لعدم اهتمامهم بإحياء لغتهم ونشر تاريخها وآدابها ليقف عليها الرأي لأدبي العام في الشرق خاصة وفي العالم عامة.

قل لي بربك من يدري أن في (رواندوز) مجلة نصف شهرية لها مطبعة واسمها (زار كرامانجي) أي (لغة الكرمانج - أو الكرد) وقد أصدرت هذه المجلة عدة كتب تاريخية في تاريخ الكرد وترجمت عدة كتب اجتماعية إلى اللغة الكردية وطبعت بضعة دواوين شعر لمشاهير الشعراء؟ من يدري بكل ذلك من قراء العربية إذا يقم أديب كردي ويترجم بحثا من تلك المجلة أو فصلا من كتاب تاريخي أو كتاب أدبي أو قطعة من الشعر. فاللوم في هذه الحالة يتوجه إلى شبان الأكراد أنفسهم لا إلى غيرهم.

أجل ليس العهد ببعيد عندما كان الناس يعتقدون أو يصفون اللغة الكردية لأنها (رطانة خشنة) وأنها لغة دارجة من اللغة الفارسية، لا يفهمها إلا فريق من الناس - وهم الكرد أنفسهم - الذين يتكلمون بها طبيعة كما أن البعض من الناس أو المتتبعين كانوا يعتقدون بأنها (لغة مصطنعة - تشعبة -) مركبة من كلمات فارسية، وعربية، وتركية، وأرمنية. أما الحقيقة فليست هذه ولا تلك (أي) أنها ليست بلغة متشعبة من هذه اللغات ولا (رطانة غير مفهومة) وإنما هي لغة مستقلة بذاتها كما سيأتي البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>