للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكن ثمانيا عنه إلى سوق عكاظ وقال فيهن قصيدته المشهورة التي منها:

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار باليفاع تحرق

تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والملحق

فما قام من مقعده وفيهن مخطوبة إلا وقد زوجها!!!

فهكذا كان الشاعر عند العرب وبالأخص في الجاهلية قائد قومه بلسانه وإمامهم وخطيبهم ودليله والذاب عن أعراضهم وأحسابهم وسلاحهم اللساني حين تهجمات الأعداء اللسانية تخرصاتهم فإذا ما أهيج واستعدي نفث في الأعداء سما يقطر من لسانه فيكبدهم ويسقيهم كاس الردى فانظر مثلا إلى هذا البيت الذي تعده العرب أهجى بيت قالته:

فغض الطرف انك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ومثله قول الحطيئة الذي ضاقت في وجه سبل الهجاء فهجى نفسه:

أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله

وكذلك إذا ما أهيج الشاعر للفخر واستنشد تدفقت من فيه الدرر فيخفي النقائض والأغلاط كقول عنترة يستر سواده:

أن كنت عبدا فنفسي حرة أبدا ... أو أسود الخلق أني أبيض الخلق

وقول السموأل بن عادياء:

تعيرنا إنا قليل عديدنا ... فقلت لها أن الكرام قليل

وما ضرنا إنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل. . . الخ

وقد يجعل من المعايب محاسن كقول الخطيئة في بني انف الناقة وكانت العرب تعيرهم فقلب المعرفة إلى مديح فقال:

قوم هم الرأس والأذناب غيرهم ... ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا

وكانت القبيلة من العرب لا يهنأ لها بال ولا تستقر على حال حتى ينبغ فيها شاعر فإذا ما ظهر توافدت القبائل المهنئة على ذلك الحي فذبحت الذبائح وأولمت الولائم وأقيمت الأفراح

والحفلات أياما واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر وتباشرت

<<  <  ج: ص:  >  >>