للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديار. وكل ذلك ليثبتوا أن كبار الأولياء كانوا ينتظرون بعثة نبي عربي وقد أبان هذا الانتحال كثير من كبار علماء المسلمين فضلا عن المستشرقين.

ومن المضحكات المبكيات نسبة هذه الأبيات لعنترة:

فدونكم يا آل عبس قصيدة ... يلوح لها ضوء من الصبح ابلج!

ألا إنها خير القصائد كلها ... يفصل منها كل ثوب وينسج!

ومثله:

عبيلة هذا در نظم نظمته ... وأنت له سلك وحسن ومنهج!

فما أسخف التعبير! وما أظهر الصنعة؟ ومتى كانت العرب في الجاهلية تفاخر ببراعة نظمها؟ هذه الأبيات تشابه قول الزهاوي، شاعر العراق من قصيدته (أيها العلم)!:

تتلى أمامك والجمهور مستمع ... قصيدة لفظها كالدر منسجم

لشاعر عربي غير ذي عوج ... على الفصاحة منه تشهد الكلم!

هفوة سقط فيها غير الأستاذ الزهاوي من المعاصرين، لو قرأ هذه الأبيات أجنبي لضحك ملء شدقيه، واستخف بعقولنا! تصفح أي ديوان فرنسي مثلا، وقل لي بربك هل تجد فيه هذا المديح وهذه المبالغات وهذا السخف؟ لا أظنك تجده. وإن جل ما تجده من هذا النوع من المفاخرة والمديح، بعض أبيات عند بوالو ذلك الشاعر الناقد المفلق وعند قليل من مثله، ولكن شتان ما بين هذه وتلك! الفرق عظيم في رقة التعابير ورشاقة النظم، وتناسق التركيب وغيره! ونحنلا ندري كيف هفا الأستاذ الزهاوي هذه الهفوة، بينما نعرفه من المجددين الناهضين وسقط في أمر ظهر في سوق الشعر أيام كساده!!.

وينسب لعنترة أيضاً هذه الأبيات:

والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي ... والضرب والطعن والأقلام والكتب

فكأنه المتنبي حيث يقول:

الخيل والليل والبيداء تشهد لي ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فمتى كانت العرب في جاهليتها وفي الحجاز تتقن الكتابة أو تعرفها؟ نحن

<<  <  ج: ص:  >  >>