للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لم تسد فيه لغة مصر ولم تصبح فيه لغة الشعر)!. شيء لطيف! من أنبأ الدكتور هذا؟ أهمست به إليه العصفورة؟ أم شيطان الأدب، أدب الإغريق؟ أم جن الشعر، شعر العرب؟ على أي شيء يعتمد حضرة الدكتور في قوله، أن لغة العرب لم تكن تتحدث هكذا قبيل الإسلام بنصف قرن؟ أعلى الآثار الباقية في جزيرة العرب، وأين هي؟؟؟ أم على مخطوطات تلك اللغة العربية المتقدمة، وأين نجدها؟؟؟

كلنا نعلم أن اللغة باقية كما كانت منذ ظهر القرآن ولم يصبها تغير جوهري ولم يستول عليها الفساد. . . دعنا من هذا وأتني بأي قطعة شئت من أي مقال اردت، ولأي واحد من المعاصرين والمجددين، وتعال قابلها بأي قطعة أخرى لأحد العرب الأقدمين ثم قل لي بربك هل هناك من فرق بين هذه اللغة الشائعة في يومنا، وتلك اللغة القديمة؟ لا! ولا أظنك حاصلا على شيء! ولكن رويدك، دعني أتداركني فأقول نعم هناك فرق، وما هذا الفرق إلا نتيجة لازمة لترقي اللغة كما هو رأي دأب اللغات الحية، وهو ينحصر في استعمال بعض ألفاظ شعرية لغوية وحذف بعض كما جرى ذلك في نثر ونظم كل اللغات القديمة وتجده أيضاً في اتخاذ بعض التعابير الجديدة دلالة على المعاني المستحدثة فإن التعابير الموجودة قديما لا تفي مطلوبنا بل لا تساعدنا على قضاء حاجاتنا في هذا العصر، عصر العلوم والكهرباء، فإذا العربية كما كانت باستثناء هذه، عذراء، تامة الحسن في شرخ الشباب، غضة الإهاب لم تعرف الطفولة بل قد لا تعلم شيئا من هذه الطفولة كما إنها لم تعرف

غضون الشيخوخة! فكيف يريد منا إذن حضرة الدكتور طه حسين، أن نؤمن ونصدق أن ما يقرب من نصف قرن كان كافيا أن يجعل هذا الفرق العظيم الذي يتوهمه بين لغة عمرو بن كلثوم والقرآن؟! ستة عشر قرنا لم تقدر أن تغير في هذه اللغة ما يزعمه تغير في نصف قرن فقط! فيا عجباه! أن اللغة الإنكليزية ولا نقول الفرنسية هي أكثر اللغات التي تتغير بسرعة وتتخذ كثيرا من الاصطلاحات الجديدة الغريبة عنها وتندمج فيها. فلغة بيرون وتعابيره، ولغة كيلنج واصطلاحاته، بينهما فرق يذكر،

<<  <  ج: ص:  >  >>