ولكن هذا الفرق هو دون ما يرى بين لغة القرآن ولغة الشعراء الجاهليين على حسب قول طه حسين!!!
وأننا نرى الدكتور يناقض نفسه بنفسه فيهدم ما بناه. قال هنا أن ذلك العصر عصر ابن كلثوم:(لم تسد فيه لغة مضر ولم تصبح فيه لغة الشعر) وكان قد سبق فقال عند التكلم عن امرئ القيس (فنحن لا نعلم ولا نستطيع أن نعلم الآن أكانت لغة قريش هي اللغة السائدة في البلاد العربية أيام امرئ القيس؟ وأكبر الظن إنها لم تكن لغة العرب في ذلك الوقت وأنها إنما أخذت تسود في أواسط القرن السادس للمسيح وتمت لها السيادة بظهور الإسلام) فهو لا يؤكد هنا أكانت لغة قريش قد سادت في البلاد العربية أيام امرئ القيس أم لا، ويتنازعه الشك فكيف يبيح لنفسه أن يؤكد ذلك حين تناول البحث عن ابن كلثوم؟ نحن نعلم أن امرأ القيس وجد ونبغ قبيل زمان عمرو بن كلثوم وإن يكن نفق على أيامه. فكيف نعلل كلام الدكتور؟
وقد وقع طه حسين في الخطأ الذي يرتكبه أنصار القديم بعينه وعليه لا مهم، ألم يسلم تسليما بقصة الفرزدق مع العذارى، قال:(فالرواة يحدثونا أن الفرزدق خرج في يوم مطير إلى ضاحية البصيرة فاتبع آثارا حتى انتهى إلى غدير وإذا فيه نساء يستحممن فقال: ما أشبه هذا اليوم بدارة جلجل وولى منصرفا فصاح النساء به: يا صاحب البغلة! فعاد إليهن، فسألنه وعزمن عليه ليحدثهن بحديث دارة جلجل فقص عليهن قصة امرئ القيس وأنشدهن قوله:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولاسيما يوم بدارة جلجل)
فهنا هوى الدكتور في ما عمل لأجل كتابه فهذه القصة المنسوبة إلى الفرزدق ترى فيها الصنعة مجلوة ويحق لنا أن نصفها بالمنتحلة ونضرب بها عرض الحائط. وقصة زيارة
امرئ القيس لخليلته (وتجشمه ما تجشم للوصول إليها وتخوفه الفضيحة حين رأته وخروجها معه وتعفيتها آثارهما بذيل مرطها وما كان بينهما من اللهو) أقرب إلى العقل وأدنى التصديق من تلك القصة! ولماذا