للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخامس من النقد المر لديوانه، لأنه لم يجد الرد عليه هينا، أما أنا فلا أحيد عن خطتي في نقد ديوانه، وهي الاستمرار على ذكر سيئاته وحسناته معا كما فعلت سابقا، وليواظب هو على قذعه وسبه، ما شاء له الجهل والغرور

ونحن لم نخدم العلم كل هذه السنين الطويلة، إلا للعلم. فلا يضيرنا انتقاص الأستاذ جهدنا الطويل، فلسنا نطلب منه أو من غيره شهادة أو تعظيما ولا ندين مثله بالفردية - في اقبح صورها - فهو يجحد حسنات جميع معاصريه من كتاب وشعراء وعلماء ولا يعرف غير نفسه تلك النفس الجاهلة السبابة الآثمة، وغير أولئك الصبيان أدعياء الأدب الحافين من حوله والمتملقين له ممن لا يعتبرهم بمنزلة المنافسين له.

وهل قام العلم في كل أدواره على السب والقذع ليكون لهما في القرن العشرين بفضل الأستاذ العقاد رواج؟ ولكن هو الشرق المتأخر لم يزل في كثير من أنحائه يروج ما لا يجوز أن يروج فأنا لله وإنا إليه راجعون!

وقد سرّنا من الأستاذ أعادته لبعض مآخذنا المعنوية، فإن أعادتها قد تدعو قارئيها إلى إنعام النظر فيها ولكن مآخذنا المعنوية أكثر من مآخذنا اللفظية فلماذا اكتفى بإعادة النزر القليل منها؟ وقد وعد في رده الأول تفنيدها فما الذي ثبطه عنه؟

أما مآخذنا اللغوية، فقد قال فيصدر الرد على بعضها يوجه قوله: (خياشيمه القيظ يبضضن بالدم) بقوله: (إن أبا حيان يقول في هذا الحذف (حذف النون من (من) إنه حسن وكثير فهو إذن ليس بذميم ولا قليل). وقد قلنا في ردنا الأول: إن الأغلاط العربية لا تعدم تعليلا ولكن الفصيح غير النادر الشاذ والضرائر القبيحة. ولا ادري لماذا أخذ الأستاذ برأي أبي حيان وحده مرجحا إياه على آراء أئمة العربية كافة وليأتنا إذا كان صادقا في ادعائه كثرة حذف النون من (من) بآية من القرآن شاهدة على ما يدعيه؛ وإذا كان واحد أو أكثر من الجاهليين قد حذفوها فهل ذلك دليل على حسنه؟ وإذا كان حذفها حسنا فلماذا لم يحذفها فحول الشعراء من جاهليين ومخضرمين وإسلاميين؟ كامرئ القيس والنابغة والأعشى وزهير ابن أبي سلمى وحسان

<<  <  ج: ص:  >  >>