فالعراق اليوم يفتخر بأبنائه الذين استجابوا دعوة العلم والأدب إلى تكريم لغوي العرب.
يعلم الجميع ما كان للأسماء الدينية والتحزبات المذهبية من المضار ولا سيما كانت وسيلة إلى تغلب أهل الغرب على أهل الشرق فأنزلوا فيهم المحن والبلايا؛ وما أشد سروري عندما بلغني أن أبناء دار السلام يقصدون الاحتفال بالرجل النصراني الذي خدم العلم والأدب خدمة يسجلها له التاريخ بسطور من ذهب فهذا يفيدنا أن الإخاء والصداقة قد أشتد ساعدهما وعظمت شوكتها بين أبناء الرافدين ورجع النفاق بخفي حنين.
الكرملي عربي صميم ينتمي إلى ميخائيل جبرائيل من بيت عواد. وهو بيت قديم في جبل لبنان، يرجع أصحابه في نسبهم العريق إلى بني مراد الشهيرين في تاريخ العرب في عهد الجاهلية. ظعن جدهم الأعلى إلى لبنان وهناك بقي مع ذريته إلى عهدنا هذا وتفرغ منه فرع في بغداد. أما أمه فمن بيت جبران وهو أقدم بيت نصراني في بغداد. وكان جبرائيل عواد رجلا دينا هبط بغداد فأتخذ له اسم (ميخائيل ماريني لأمور سياسية ألجأته الأحوال إليها.
الكرملي أديب أوتي قدرة بارعة على البيان يستطيع أن يتصرف فيها كيفما يشاء فينقل بواسطتها إلى مخاطبة كل ما توحيه إليه قواه العقلية التي لا تقل عن قدرته البيانية براعة.
الكرملي كاتب ينظم جواهر الألفاظ بسمط البلاغة ويجليها بإكساب الفصاحة ثم يعلقها على معان وزنها العقل السليم وأنتجها الفكر المستقيم فكلامه خفيف الوقع على الأسماع عظيم التأثير في الطباع شديد التعلق بالقلوب.
الكرملي أول من أنشأ مجلة في الوزراء أسسها عام ١٣٢٩هـ واسماها (لغة العرب) كانت سببا عظيما لرقي اللغة ونشر الفصحى من قبرها وستجد لغة عدنان بفضل الكرملي - حياتها الخالدة.
الكرملي شيد صروح فن الانتقاد في العراق فوزن الكتب والآثار في مجلته وفي غيرها بقيمة الإنصاف وانتقدها انتقادا سالما من الأغراض منزها عن شوائب