وقد تقدمني جماعة من الفضلاء فعددوا محاسن الكرملي ومزاياه وأطنبوا في مدح خدماته للغة الشريفة وما أنتجته من ثمار يانعة عادت عليها بالنفع الجزيل ولم يبقوا لي إلا لذكر آية محمدة تفرد بها الأستاذ الكرملي. لهذا اضطررت إلى أن أبحث عن تاريخ اليوبيل والأدوار التي مرت عليه وصورة انتقاله من الصبغة الدينية إلى الشؤون الأدبية والمدنية وأن اكتفى بما قدمه وبأن أختم بحثي قائلاً:
(إن كانت الحفلات اليوبيلية التي أقيمت لأدباء الشرق قد رددت صداها الأقطار الشرقية فستردد المحافل الأدبية والعلمية في الشرق وفي الغرب معا ذكرى احتفال العراقيين بيوبيل الكرملي لخدماته التي أسداها إلى لغة الضاد خمسة وثلاثين عاما متتالية).
فليعش الأب أنستاس ماري الكرملي مستميتا في خدمة لغتنا الشريفة وليخسأ الذين يقيمون الحرب العوان على علماء القطر وأدبائه حسدا منهم فالله نصير الحق في كل أوان والسلام.
السيد عبد الرزاق الحسني
لغوي العرب في القرن الرابع عشر
إن للإفرنج عادات جميلة في تكريم نوابغهم والاحتفال برجالهم وعظمائهم فلتكريم النوابغ والعظماء فوائد عظيمة ومنافع جزيلة إذ أنه ينهض الهمم ويدفع الناس إلى أن تشرئب أعناقهم إلى ما في قمم المعالي من العز والسعادة الأبدية. وفضلا عن ذلك أن الرجل النابغة
نفسه إذا وجد قومه يقدرون له خدماته يضاعف سعيه في سبيل العلم والإصلاح والوطن وغيرها ويزيد شوقه إلى خدمة أمته ووطنه، أما إذا وجد قومه يهينونه ولا يعتنون بأعماله الخطيرة بل ربما كانوا غير مبالين بما قام به من الأفعال الجليلة فبالطبع يتقهقر ويكر راجعا إلى الوراء. والعراق إذا أرادت أن تنهض من كبوتها وتستوي في مصاف الأمم العظيمة فما عليها إلا أن