للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلمة إبراهيم حلمي العمر

أيها السادة الأكارم.

إني وأن كنت أخطب الآن فيكم من دون أن يذكر اسمي في منهاج هذه الحفلة الشائقة إلا أن اقتراح الفاضل كتوم (سكرتير) اللجنة علي أن أتكلم ما يناسب المقام من جهة وصلتي الوثقى بالعلامة المحتفل به كان مما يشفع لي في الوقوف أمامكم متكلما عن الخدمات الجلية التي أسداها الأب المفضال الكرملي إلى اللغة العربية في حياته الأدبية الطويلة التي نطلب لها المزيد والاستمرار.

إن الكلام عن منزلة العلامة الكرملي من النهضة الأدبية وآثاره العلمية قد سبقني إليه صديقي الفاضل رفائيل بطي الذي وفى الموضوع حقه في خطبته الممتعة التي سمعتموها قبل دقائق معدودات ولكني أقول كدارس على الأب علوم اللغة والبيان في حداثتي أن للأب أنستاس من الجهود والمساعي الكبيرة التي قدمها في سبيل إعلاء اللغة العربية وإقالة عثرتها وإنهاضها من كبوتها ما يستحق عليه كل تكريم وتعظيم، ومن أقدس واجبات أبناء

هذه النهضة المورقة الأغصان الوارفة الظلال أن يكرموا العلم والأدب وخاصة الأدب العربي في شخص هذا العلامة الكبير الذي نحتفل به اليوم تنويها بفضله واعترافا بأياديه البيض.

حقا أن قيام هذه الحفلة في دار فخامة السعدون بك الذي أرصد يوما من أيامه الثمينة لتكريم العلم والأدب من جهة واشتراك نخبة فاضلة من زعماء البلاد وقادة حركتها الفكرية وأساطين العلم فيها من جهة أخرى ليذكرنا بتلك الأيام الغابرة التي كانت ساسة العرب ورجالهم وإلى جانبهم شعوبهم الحية الناهضة يحتفلون بنوابغهم وفضلائهم مع قطع النظر عن المذاهب والأديان وبذلك شيدوا لهم مجدا خالدا وحضارة فخمة لا تزال آثارها ماثلة لعيون الباحثين المنقبين، وإذا أقام السعدون بك هذه الحفلة في قصره العامر لتكريم الأدب العربي في شخص الكرملي المفضال، فإنما هو يحذو حذو أجداده العرب الذين كانوا يعملون على بث العلم والعرفان وتنشيط الأدب في ظلال خلفائهم وملوكهم وسلاطينهم وما الملك الأعظم اليوم إلا رمزاً إلى تلك العزائم والهمم التي حمت العلم وذادت عن حياض

<<  <  ج: ص:  >  >>