وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساوئا
إني وايم الحق لم آت عملا جليلا للغتنا الشريفة، حتى يقام لي هذا المهرجان، وقد سبقني رجال أفاضل إلى خدمتها خدمة أجل وأنفع وأوسع من خدمتي هذه؛ ومع ذلك لم يعترف بفضلهم مثل هذا الاعتراف. وما ذلك إلا لأني وفقت لأن يكون لي أحباب أجلاء ذوو همة عالية بارزة، يرون نفوسهم في غيرهم، فيخيل إليهم أني هم، وأنهم أنا، فانفعوا إلى هذا الصنيع الذي يخلد أسماءهم في سجل الوطن المحبوب، ولغة الضاد الكريمة بحروف من ذهب. ولهذا أني لا أرى هذا الإطراء جديرا بي، بل خليقا بكم، إذ أراكم تجلون العلم والفضل حتى في من ينتسب إليهما انتسابا، وإن لم يكن من أهلهما. فالمجد والشرف لكم يا سادتي لا لي، إذ أراني بعيداً عن كل ما عددتموه لي، ونسبتموه إلي، في حين لا أجده إلا فيكم يا سادتي الصيد الأشاوس.
على أن الذي أستطيع أن أقوله وأفتخر به هو أنني أغرمت بهذا اللسان الكريم منذ نعومة أظفاري، وبقيت مولعاً به إلى هذه الساعة من غير أن ينتابني فتور أو وناء.
وكثيراً ما تمنيت أن أخدم هذه اللغة وأصحابها خدمة تنفعهم النفع الجم، وبذلت مهجتي في هذا السبيل، إلا أن الحالة التي وجدت فيها منذ حداثتي، عاندتني أشد العناد وقاومتني مقاومة غريبة. فاكتفيت من تلك الخدمة بحسن النية والإخلاص لا غير؛ وهو ما يفرضه علي حب وطني وقومي ولساني؛ فقمت بالواجب المحتوم علي بقدر طاقتي، ومن قام بما عليه، فلا شكر له ولا حمد ولا ثناء ولا إطراء.
وفي الختام أشكر جميع الحاضرين. وجميع الذين شاركونا في هذا اليوبيل عن قرب أو عن بعد برسائلهم أو بتهانئهم أو ببرقياتهم أو بندى أياديهم سواء أكانوا من أبناء لغتنا أم من المستشرقين أم المستعربين. وأشكر لهم عنايتهم بهذا اليوبيل من صميم قلبي واحداً بعد واحد، متمنياً لهم طول العمر والهناء والسرور.
حيا الله ملك العراق المفدى!
حيا الله الأمة العربية ولغتها المحبوبة! حيا الله العلم العراقي!