ضده من أهل الطوائف والعصبيات الذين يحاربون العلم والنهضة بسلاح الدين أو بسلاح الجمود. وبذلك أكتسب الكرملي احتراماً لطهارة ذمته ورجاحة ذهنه الذي لا يتأثر بشهرة أو صداقة أو قرابة في الحكم على أي عمل أدبي ينقده.
ومن أجل هذا نال الرجل احترام الجامعات والمعاهد اللغوية في الغرب وغبط العالم العربي عليه العلماء المستشرقون. وكان ولا يزال يعد الحجة الكبرى في النقد اللغوي الأدبي - ونقول الأدبي لأن للرجل أسلوباً سهلاً صافياً وذوقاً أدبيا ممتازا بخلاف كثيرين ممن اشتغلوا بعلوم اللغة فتحجر أسلوبهم وأذواقهم معا وأصبحوا عاجزين عن النقد الأدبي
الصحيح فلم يخدموا الأدب السامي ولا الثقافة العصرية بل كانوا عقبة في طريقها.
هذا هو العلامة الجليل الأب أنستاس ماري الكرملي الذي أحتفل بيوبيله في عاصمة العباسيين في السابع من أكتوبر الجاري احتفالا شائقا بمنزل فخامة رئيس الوزراء محسن بك السعدون وبإشراف وزير المعارف العراقية معالي توفيق بك السويدي وبحضور صفوة أهل العلم والبيان في بغداد ونخبة رجال العراق من وزراء وأعيان ونواب وعلماء وأدباء ووجهاء وصحفيين وكان فخامة رئيس الوزراء يرحب بالقادمين. وقد أفتتح الشاعر الفيلسوف الكبير الأستاذ الزهاوي الحفلة بخطبة وجيزة مناسبة وخطب بعده سكرتير لجنة الاحتفال الأديب المعروف الأستاذ أحمد أفندي حامد الصراف مدير المطبوعات خطبة بليغة ثم تلا ما جاء من المستشرقين من عواصم الغرب في تهنئة الأستاذ الكرملي. ومن مصر وسورية وإيران وغيرها من الأقطار الشرقية من برقيات ورسائل وقصائد عربية وفارسية ومن جملتها قصائد الشعراء المصريين الأساتذة أحمد محرم والدكتور أبي شادي ومحمد الأسمر ورسالة الأستاذ الكاتب المجدد أحمد الشايب ثم تلا الأستاذ الزهاوي رسالة المجمع العلمي العربي بدمشق في تهنئة الأب الكرملي وإطرائه - تلاها بالوكالة عن المجمع بصفته عضوا فيه. ثم قام الصحفي الأديب الأستاذ رفائيل أفندي بطي وقرأ ترجمة المحتفل به ترجمة مفصلة أجاد فيها. ثم قام الأستاذ الزهاوي وأنشد قصيدته العامرة. وأثره أرتجل الأستاذ الصحفي القدير إبراهيم أفندي حلمي خطبة بليغة نفيسة. وكانت الحفلة شائقة فريدة في بابها