للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناس مؤونة من التعب عظيمة!

معاجم العربية لا تتطرق أبدا إلى غير الكلمات العربية التي نشرها قدماء اللغويين في معاجمهم وتعف عن إدخال كلمات لم يذكرها هؤلاء إلا نادرا. ثم هي لا تحوي شيئاً من أفذاذ اللغة وفلاسفتها وتأبى عليهم بل تضن على من كان السبب في رقيها ببضع وريقات. مع أنهم من الأهمية بمكان عظيم. وعليه نجد نواقص المعاجم في العربية عظيمة وكثيرة جداً تحتاج إلى دروس طويل واف وعسى أن يعنى العلامة البحاثة الأب أنستاس ماري الكرملي بنشر ما يبرد الغليل منها ويفيد الطالب والباحث معا فهو العليم الخبير بعلل وأدواء اللغة الكريمة ومعاجمها.

بسطنا أن النقصان عظيم في الكتب المدرسية لا يتمشى والروح العصر الآن ولا سيما بعد أن صار من الضرورة في شرقنا العزيز تعليم اللغات الأجنبية في المدارس. ومن تدرب على تلك الطريقة من التعليم أو ذاق حلاوتها ولو قليلا منها صعب عليه أن يعود إلى طرق بالية ومناهج عقيمة مملة جافة المذاق.

سر تفوق الإفرنج علينا في هذا الباب لا يعود إلا إلى عدم نشرهم كتبا للتدريس قبيل الدرس العميق. ثم هم يشيدونها على أساس متين من ذلك أولاً: علم التربية ثانياً: علم النفسيات أما نحن فنأبى أن نمارس طرقهم ونعف عنها لجمودنا وكسلنا وتعلقنا بما أقره قوم لا يعقلون! انقرضوا مع أجيالهم ولم تبق فائدة لأساليبهم في هذا العهد فإن كانوا قد أفادوا في عصرهم فهم لا يفيدوننا اليوم. المدارس هي الروح التي تبعث في التلميذ العلوم وهي الأساس الذي نشيد عليه رقينا وتقدمنا. فإذا أسأنا وضع الأساس فقد استحق البناء الهدم! أو ليس القصير الذي يشيد على الرمل تسقطه الزوابع والأرياح؟ هكذا نحن لا نعلم العربية على أساس متين فإذا ما خرج إلى الميدان من أتقنها وصادمته التجارب وجد أن لغته تحتاج إلى جهد كثير فيدب دبيب الكره إلى قلبه فيقلعها منه ويتحول إلى اللغة الأجنبية التي يميل إليها ويصبو قلبه إلى اجتلاء محاسنها فيذهب جهد الأساتذة هباء باطلاً!!

هذه أهم ما في العربية من نقائص وعوج وهي أساس الجميع فلنتحول إلى ما يليها

(الباقي للتالي)

ميشيل سليم كميد

<<  <  ج: ص:  >  >>