للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحدة، ولا يعرفون الطلاق ولا الزنى إلا في ما ندر. ومخالطة الرجال للنساء في مجتمعاتهم تحفظ آدابهم من الفساد. ولا يجري بينهم ما يخدش الآذان من أسباب الاضطراب والبلبال وأغلب الأحيان يعيش الزوجان بالاتفاق والوئام.

١١ - الموت

إذا مات في البيت واحد منه لم يضجوا له ضجة عظيمة كما يفعل أبناء الشرق من يهود ونصارى ومسلمين بل يسلمون أمرهم (للشمس) التي تحيي وتميت وتدعو عبادها إليها في دار الخلد الطيبة.

ويزعمون أن الصالح منهم إذا أوشك أن يموت ظهر بين يديه مثال من الخلق مجس جسما تعوزه الروح لتحيا. وهذا الجسم يكاد يشبه خيال الظل ولا يتحرك إلا بعد دخول الروح ويكون ذلك بعد موت المحتضر. ويرى حول ذلك الخيال روحانيون صالحون يسمون الواحد منهم بلسانهم (فري) ومنهم من يسميه (فر رخ - وبيد كل واحد منهم أداة من أدوات الجنة. فيرى في يد الواحد منهم صولجان الملك. وفي يد آخر إكليل جواهر، ويقبض ثالث على عصابة من لآلئ رطبة يعصب بها جبين الصالح إذا لفظ نفسه ويمسك الرابع بيده ثوباً موشى يتألق ضياء ويرى بيد خامس جام مملوء كوثرا وهو مكلل بالدر الرطب والزبرجد الفاخر؛ ويشاهد في كف سادس أثمار غضة طيبة إذا أكل منها الميت الصالح غدا خالداً ولا سيما إذا شرب عليها شيئاً من ذلك الكوثر شراب الآلهة، ولهذا لا يهرم أهل الجنة وإذا شعروا بضعف لتقدمهم في السن أكلوا من تلك الطيبات وكرعوا عليها كرعات من ذبالك السلسبيل.

وبازاء جماعة الفري طبقة من الأرواح الخبيثة النجسة يعرف الواحد منهم باسم (ديو)، وكل منهم يرغب المحتضر في أمر من أمور الدنيا، فواحد يرغبه في حسان النساء، وآخر في جميع حطام الدنيا وثالث يطري له المجد والكرامة والعظمة والتسلط على الأنداد. ورابع يزين له الأخذ بالثار وسحق الأعداء وقتل المناوئين له. وخامس يبعثه على التلذذ بأطايب المآكل والمشارب والمفارش إلى غير ذلك. فإذا مال المحتضر إلى الفريان (جمع فري) انتقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>