للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روحه الحيوانية إلى ذاك الخيال المستعد لأن تحل فيه الروح الحيوانية. وأما النفس أو الروح العقلية أو الروح النورانية فأنها تنتقل مزينة بتلك الملابس والحلي صاعدة إلى عليين يصحبها أولئك الفر رخان لتعود إلى ما كانت عليه سابقا في جنان من الخلد أو جنان النور. وأما الجسد فيبقى ملقى على الأرض فتجتذب منه الشمس والقمر وسائر الأجرام النيرة العناصر التي فيه أي الماء والنار والنسيم فترتفع كلها إلى الرب الأعلى الذي هو الشمس. ويقذف بما بقي من جسده - الذي هو ظلمة كله - إلى جهنم.

وأما إذا مال المحتضر إلى الديوان (جمع ديو) فللحال تفوح منه رائحة كريهة وتهرب الفر رخان أو الفريان فيأخذه الديوان ويعذبونه ويرونه الأهوال بألوانها، فيحضر ثانية أولئك الفريان ومعهم أدوات السجينة التي كانت معهم في حضورهم الأول، فيتوهم المحتضر أنهم قد جاؤوا لنصرته وتحريره من أيدي الديوان، وإنما جاؤوه لتعزيزه وتوبيخه وتذكيره مساوئه ومآثمه وإلزامه الحجة في ترك إعانته الأولياء والصلحاء، ثم لا تزال روحه تتردد إليه في الدنيا متعذبة إلى وقت تقمصه في المثال الذي كان يرى بقرب الفريان، ثم يكفى في النار الجاحمة.

أما من كانت سيرته وسطا بين سيرة الصالح والطالح فأن روحه المادية تنتقل إلى المثال الجامد المعد لقبولها مع روحه العقلية فتكونان واحدة فيعود الإنسان إلى الحياة إلى أن يكفر عن سيئاته فيكون صالحا أو لا يكفر عنها فيعود شريرا وتكون عاقبته عاقبة من ذكرنا من أمر الصالحين أو الأشرار.

ولهذا تراهم يذبحون الذبائح لمن يعتقدون فيه السيرة الوسط ومن بعد أن يقطعوها يوزعونها على الفقراء البؤس. وربما ذهبوا إلى كهنة النصارى وحلوهم ليصلوا على نفوس موتاهم. وكذلك ينفخون رئيسهم الأعلى دراهم أو يهدون إليه هدايا لمثل هذه الغاية. ورئيسهم هذا يسمى (هازربيد) وأظن أن أصل الكلمة هيربد المشتقة من اللغة الزندية آيتثرا بيتي أي كاهن النار. وعندهم أناس يعتبدون في الجاهات أو يتحنثون فيها واسم الواحد منهم (هرتاسب وهم يعتزلون الخلق أكثر من

<<  <  ج: ص:  >  >>