خواجا ساراغا. فهذا لدى عودته إلى وطنه عهد إلى أوانيس جميع أمور تجارة الصوفياليين ومهامها بعد أن أتخذه شريكا لهم في الأرباح والخسائر. غير أن أوانيس لم يلبث أن أنفصل عنهم فأستقل بتجارته مع أخويه بوغوص وفلبس وكان أحدهما في الآستانة والآخر في مدارس (الهند).
فنجحوا ففي أوائل أمرهم نجاحا يذكر لكن ما عتم أن أخذ نجم نجاحهم بالنزول والأفول حتى أضطر أوانيس إلى أن يخدم القنصلية الفرنسية في بغداد ترجمانا ليفوز بحماية فرنسة.
وفي سنة ١٨١٩ دعاه محمد علي ميرزا نائب الشاهفي كرمنشاه ليكون في بلاطه أول التراجمة وفي تلك السنة عينها نال من فتح علي شاه وسام الأسد والشمس (شير وخورشيد)
من الطبقة الثانية وبعد أن قام هناك بوظيفته أحسن قيام مدة تقارب أربع سنوات مات النائب مسموما فغادر حينئذ كرمانشاه وأخذ يجول في بلاد إيران حتى حط الرحال في حلفا وهناك توفاه الله سنة ١٨٣٢ عن امرأة هي تريزية أبنة خريسطوفور بن انطوان أتري الطبيب الأفرنسي وعن أبنين وهما سيزار وآشيل وليس اليوم بباق من نسله.
وكان أوانيس من أدباء زمانه المعدودين يحسن الأرمينية والإيطالية والأفرنسية والتركية والفارسية وشيئا من العربية فضلا عن إلمامه بأغلب علوم عصره ولا سيما التاريخ والسياسة وكان يتعقب عن قرب وعن بعد سير الأمور السياسية شرقا وغربا ويتتبع تقدم العلوم في بلاد الإفرنج وظهور المكشوفات العلمية فيها والاختراعات الفنية ولا غرو من ذلك إذ كان قد ربي منذ حداثته في البندقية ودرس على الآباء المخيتاريين.
فعلى يد رجل هذه ترجمته وهذه صفاته دخل بغداد لأول مرة التطعيم الواقي والعام من الجدري طبقا لطريقة جنر لكن الله يعلم بما كابده من الأتعاب وعاناه من المشاق في سبيل الوصول إلى إقناع أهل بغداد بقوله لهم والإقدام عليه وذلك بسبب الأوهام السائدة وقتئذ على العقول ولا سيما لأن التطعيم كان يظن أنه مخالف للقدر وعليه فلا عجب إذا ما حبطت في أول الأمر مساعي أوانيس بالرغم من المعاضدة العظيمة التي عاضده بها الدكتور شارت طبيب القنصلية