بيد أن أوانيس عاد سنة ١٨٠٩ فأفرغ قصارى جهده في تذليل العقبات وتشتيت الأوهام التي حالت قبلا دون غايته ففاز أخيرا بأمنيته وتكلل مسعاه بنجاح باهر حتى أن مفتي بغداد الكبير وهو أحمد أفندي الحصيف الرأي رضي بأن يتطعم أولاده وحفدته الستة وذلك بعد أن طعم أوانيس ابنه سيزار بحضور كثير من أرباب الأسر وكان أكبر مؤازر له في مساعيه هذه الثانية الدكتور هين خلف الطبيب شارت المار ذكره.
فمثل مفتي بغداد شجع الناس على اختلاف مللهم فدفعهم إلى الإقدام على التطعيم بلا خوف ولا تردد حتى أن أوانيس تمكن من أن يطعم مع امرأته تريزية أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة ولد في مدة تسع سنوات دون أن يحدث حادث يقلل ثقة الناس بالتطعيم وكان تطعيم الثلثين من العدد المذكور مجانا.
ولم يكتف أوانيس بتعميم التطعيم في بغداد ونواحيها بل رغب كل الرغبة في نقله إلى
غيرها من البلدان فأدخله الموصل على يد القس بطرس أخطل الموصلي ابن الأسقف بشارة السرياني وذلك بعد أن علمه في بغداد أصول التطعيم ودربه على طريقة إجرائه مدة بضعة أشهر ولما عاد إلى الموصل زوده كتابه بعدة تعاليم فنية وكان يكاتبه من وقت إلى آخر بالإيطالية لأن الكاهن المومأ إليه كان قد درس حينا من الزمن في المدرسة الأربانية في رومة.
وكذلك عرف بالتطعيم أهل اريوان على يد الخوري الأرمني غير الكاثوليكي المدعو ورتانيس وارتابيت الذي أخذ عن أوانيس أصول التطعيم فأتقنها اتقانا لا مزيد عليه.
التطعيم في إيران
بعد أن أقيم أوانيس ترجمانا في كرمانشاه سعى سعيا حثيثا لنشر التطعيم بين ظهراني الإيرانيين أيضا فكان النجاح رائده حتى طعم في مدة إقامته هناك أكثر من خمسمائة ولد من جملتهم ٢٥ أميرا وأميرة من الأسرة القاجارية المالكة في فارس ولما بارح كرمانشاه طفق يطعم مجانا في البلاد التي كان يمر بها ومنها همذان وطهران وكاشان واصبهان وجلفا وكان يرسل بأسماء المطعمين إلى