للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغطس) ومن القدامى الراكبين هذا الشطط (أحمد بن محمد) الفيومي مؤلف المصباح المنير فأنه يقول (من بابي كذا وكذا) مريدا (من باب كذا وكذا). ومن ذلك قوله غفي ر ب ع (وفي لغة من بابي قتل وضرب) مع أنه لو فكر في ما نقله عن العلماء في المادة الآنفة بعينها لوجد نفسه مخطئاً ففيها (وقال الأزهري أيضا: والعرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلاّ شهري ربيع ورمضان) فقوله (شهري ربيع ورمضان) يدل عند أحمد الفيومي على شهرين فقط لأن تركيبه كتركيب (بابي قتل وضرب) وذلك خطأ ظاهر لأنه أراد ثلاثة أشهر (شهر ربيع الأول وربيع الثاني ورمضان) فهذا من تراكيب انحطاط العربية.

١٤ - وقال فيها (ولكن عسى أن يكون لعز الدين رأي لم نطلع عليه) فقوله (أن يكون) يدل على أن الرأي سيكون في المستقبل لدلالة (أن والمضارع) على ذلك. غير أنه وصف ذلك الرأي المتوقع بقوله (لم نطلع عليه) فنفى الإطلاع في الماضي. وإنك والله تعجب ممن يقول لك (سيكون رأي في الدنيا ما اطلعت عليه أنت) إذ كيف تطلع على رأي لم يخلق ثم

تصفه بجملة نافية للإطلاع؟ هذا هو التهاون بالعربية قلت ذلك لأن (لم) إذا دخلت على المضارع جعلت زمنه الماضي لا غير فالصواب (وربما كان لعز الدين رأي لم نطلع عليه) ليستقيم المبنى والمعنى.

١٥ - وحول قول المؤلف (أن) لنفي الماضي مطلقا و (لما) لنفيه ممتدا إلى ما بعد زمن التكلم و (لن) لنفي الاستقبال) قال الملاح في ص ٥٧٢ (نعم ولكن ما باله أضاف إلى هذه العبارة. . .) مريدا التصديق مع أن (أجل) تفضيل على (نعم) في التصديق كثيرا فلماذا تركها هذا الذي قال (يا سماء اسقطي كسفا) لأنه رأى غلطة للمؤلف في كتاب صناعة الإنشاء؟

١٦ - وقال غير ما ذكرنا فتركناه تفاديا من التطويل واقتصارا على هذه الفوائد المنبهة المؤدبة فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه فصانها عن التورط والجهل والغش والمكابرة وعودها تقبل الحق والإذعان لأمره. وفقنا الله لخدمة العربية خدمة خالصة أنه ولي التوفيق.

مصطفى جواد

<<  <  ج: ص:  >  >>