وعرفناها عن طريق أوربة، إذ ذكرها المؤرخون الأوربيون. وسبب هذا الجهل أنه لم يكن يسمح لأحد قط بنقلها أو شيء منها إلى الخارج وما كان يعلمها إلاّ أرباب السلطة العليا وأصحاب الديوان!! ونحن نقف الآن في حادثة ابن المقفع نفس موقفنا في تلك، فلم لا نشك في حديث ابن خلكان، ونظن أن سفيان أراد قتله لوشاية بلغته عنه، أو تعريض أصاب به واحدا من ذوي قرباه فحفظها له وأخذها عليه فلفق تهمة
الزندقة - وما أسهلها في ذلك الزمن! - ولوثه بادرانها، فذهب ضحية الظلم والعدوان كما ألبسوه حلل الرياء والكفر!!
أما من جهة دينه فليس بمقدرة أحد الآن إثبات إسلامه أو نصرانيته (كما ارتأى المأسوف عليه الأب لويس شيخو اليسوعي) أو نقض أحدهما، إذ نحتاج إلى براهين كثيرة، هي ليست بإمكان أحد، ولكن من الثابت المؤكد أنه كان دينا موحدا، وأنه لا يبطن المجوسية، وليس من اللازم أن يكون في دينه ورعا متعصبا، حتى يكون خارجا عن الزندقة. وإنما كان حافظا لأصول دينه أيا كان كما تشهد عليه بذلك كتاباته، وهي خير دليل، التي أدلى بها الفاضل محمد مهدي العلوي في لغة العرب (٦٠٩: ٦)، وهذا رأينا في هذه المسألة، عسى أن ينال رضاكم، وما العصمة إلاّ لله جل جلاله.
وأقبل يا أبت العلامة فائق الاحترام ومزيد الإكرام.
بركات (السودان): ميشيل سليم كميد
ملاحظات
سيدي العلامة الكبير الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم
قرأت في الجزء العاشر من المجلد السادس من مجلتكم الغراء مقالا ممتعا بعنوان (الشيخ فخر الدين الطريحي) فراقني ما حواه ذلك المقال من الأبحاث التاريخية الموجزة التي لم يطرقها كاتب غيره، وعند تصفحي للمقال المذكور وجدت فيه أغلاطا لا ينبغي السكوت عنها وأحببت التنبيه عليها، علق الكاتب في صفحة ٧٢٧ من الجزء المذكور كلمة موجزة عن الشيخ الطوسي على اسم (العلامة المحقق الحلي) ولم يذكر الشيخ الطوسي في المتن، وكم فرق بين الشيخ الطوسي والمحقق أبي القاسم جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي