جاء من طهران إلى بغداد حضرة الأستاذ الكبير والعلامة الشهير الدكتور ارنست هرتسفلد ليذهب إلى سجستان (اليوم سيستان) لبعض الحفريات هناك وكان وصوله إلى حاضرتنا في ١٥ فبراير (شباط) وقد زارنا في ١٩ منه فسألناه عن رأيه بخصوص اتخاذ الحرف اللاتيني للغة العربية فقبح هذا الرأي وسفه وقال هذه فكرة استعمارية ويجب على كل غربي غيور على قوميته ولسانه وآدابه أن يمقتها ويقاومها بما في مكنته من الوسائل. وختم قوله:(إن اتخاذ هذه الحروف سائر بوجه إلى الوقوع وهو مما يؤسف عليه).
ثم سألناه عن زرادشت وهل كان رجلا وهميا اخترعته مخيلة أهالي البلاد الفارسية. فقال: هذا رأي بعض المعاصرين من المغالين في النقد فأن الرجل وجد وعاش في نيسابور في سجستان وسفره الديني يشهد له بذلك، هذا ولحضرة الأستاذ العلامة أدلة تاريخية كثيرة لا يمكن نقضها.
ثم قال: سمعت العوام يكلمونني بعربية قبيحة مخلوطة بألفاظ هندية وإنكليزية، وهذا الأمر ما كان معروفا في سنة ١٩١٣ ويجب على الأدباء والوطنيين الصادقين في وطنيتهم أن يقاوموا هذه الحركة المفسدة للغة العراقية التي كانت سابقا بعيدة عن هذه الرطيني الشائنة. فشكرنا على افاداته كلها. ثم سافر إلى شقته بعد يومين.
٨ - قنصل مصر الأول
قدم إلى بغداد سعادة مصطفى بك مخلوف قنصل مصر الأول مرة في ٢١ يناير فنزل في أول أيامه في فندق كارلتن، وقد أدب البغداديون عدة مآدب لسعادته ترحيبا به وتوثيقا لعرى الصداقة بين البلادين المتحابتين مصر والعراق.
٩ - السير عن اليمين
كان السر في الطرق في العهد العثماني عن اليمين، فلما حل البريطانيون العراق أدخل السير عن اليسار والسير على هذه الصورة خاص بالإنكليز ولما كنا نجاور الإيرانيين والسوريين والترك وسكان جزيرة العرب والسير عندهم عن اليمن رأت الحكومة العراقية
أن تعود إلى الطريقة الأولى حذر وقوع ما يضر بالنفوس حينما يذهب العراقيون إلى غير بلادهم أو حينما يأتي الأجانب