للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدفائن! لا كلال يعتورهم، ولا ملل يتطرق إليهم!. . تراهم إذا بحثوا عن قصد ثبتوا في البحث ثبوت الراسيات إلى النهاية حتى الفوز بالمراد؛ مهما كلفهم من عناء ووصب. لهذا ترى دواما التفوق في جانبهم والابتكار في حقائبهم فهم يختلفون عنا الشرقيين قلبا وقالبا، فأننا إذا ما حاولنا أعمالا خطيرة وأنسنا التعب والبرح تخللنا اليأس، وتطايرت منا تلك الأحلام الذهبية الوهاجة، تلك الأحلام التي كان يمكن أن تتحقق لو دئبنا في العمل. إلاّ أننا قذفناها غير آسفين أو لفقناها وأبرزناها لضوء الحياة، صفحة تعسة بائسة، عليها سماوة العجلة والاضطراب. والأصعب أن ننتشل فردا ثار على هذه النقائص الشائنة.

أنظر إلى الغربيين ولله درهم! وأدر الطرف النزيه في مخلفات القرائح، ومولدات الأذهان ونتائج الأدمغة؛ سواء أكانت اختراعات صناعية هائلة أم كتبا زاخرة بالأفكار والآراء تجد صورة الوجدان الحي والاعتناء والجلد والدرس العميق البعيد المدى، تتخلل أدق دقائقها! وقد أراد المولى الكريم بالشرق خيرا وعونا، فتخصصت فئة كريمة من هؤلاء الغربيين الفطاحل المدققين؛ هي فئة المستشرقين الأكارم وتطوعوا كرما ولطفا لدرس آثاره الثمينة

والوقوف على مخلفاته الخالدة. فهم لم يجبروا وليس عليهم الزام؛ إنما حب إيقاظ الشعوب الحالمة، وشعورهم الحي في إظهار الحقائق وبسط المطويات، دفعاهم إلى القيام بهذا المجهود الهائل الذي كان أثره في الشرق - كما نجده عظيما - وعظيما جدا، فإليهم يعزى فضل عظيم في نهضتنا الأدبية الحديثة - دون غمط لفضل البعثات الأجنبية الدينية التي يمكننا وضعها ضمن دائرة الاستشراق فلهم بها أيد كريمة!. . أجيالاً يعلمونها ونحن رقود صموت. ومن المحتم أننا أولاهم لبقينا إلى يومنا هذا، كعهدنا السالف أو كما في بدء تنبهنا - إذا أتيحت لنا الفرص - ولاستلزم بلوغنا حالتنا الأخيرة عناء وجهدا وأعواما أخرى كثيرة؛ ومن المحتم أيضا، فقدنا لكثير من المؤلفات والآثار القديمة. مما هو عوز الماضي وفخر اليوم، وعلى الأخص ما نبشوه من نوادر المخطوطات النوادر واستنقذوه من عبث الزمان وجهالة الإنسان، وقد غدت الآن من غرر الآثار في الآداب العربية وغيرها ودرر تأليفها وحسبنا أن نلقي من نظرنا لمحة للغابر ونستفسر دور

<<  <  ج: ص:  >  >>