للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثار وخزائن الكتب ولنحكم بعدئذ! لنحكم لمن الفضل في جمع وترتيب الآثار وطبع المؤلفات والقيام بجميع ذلك خير قيام! لست أحاول البحث وإطالة الشروح فكل لبيب أديب يعرفها ويقدر الخدمات الجمة والمشاق العديدة التي قاموا بها. فحيا الله تلك الشهامة الشماء والهمم القعس!

لا يخلو أمر من فساد ولا حسن من شائبة، والوجود يحتم الضلال تناول أي موضوع شئت في هذا الكون الواسع المنبسط تحت أنظارك فأبحث دواخله وخوارجه، فلا شك أنك تصطدم بالمساوئ بين حنايا المحاسن، وحيث أن هذه الطبيعة المفسدة من سنة الكون، لا نعدم الوقوع على أقوام مفسدين، إذ نقصد استفادة فائدة من كتب المستشرقين الجليلة، والارتطام العنيف بأفكار الطفيليين الخلابة المضللة. هم قوم شيمتهم الأندساس تحت لباس علم المشرقيات، وما هم منه بشيء؛ والتردي بردائه الشريف. وأظن أنه ليس في الشرق من لم يسمع بهذه الأسماء المرددة ألوف المرار على صفحات جرائدنا ومجلاتنا الممتازة أيضا: رينان، غوستاف لوبون، أدوار مونته، وأمثالهم. وأهمها ترديدا على شفاه الشرقيين: رينان ولوبون. فأي شرقي مطلع على الحركة الأدبية عندنا ولا يعرفهما؟ اسمان يتلألأن زهوا ولمعانا على كل شفة ولسان؟! لعمري! لقد ساء فألنا. ونسبنا الفضل إلى من لا فضل له ولا فائدة؛ وغمطنا أصحاب الفضل حقهم، وسلبناهم عنوة وزورا تعبهم وجهدهم، وسحقنا

بتصلف وعجرفة - كدت الفظ بلؤم - نتيجة قرائحهم الوقادة المتدفقة! ولعمري ماذا فعل هؤلاء - وشاكلتهم والحمد لله نزرة - حتى نمجدهم ذا التمجيد؟ أكفأهم أن يحمدونا ويطرونا - وداؤنا العياء الإطراء - حتى نسجد لهم سجودا، ونلتقط كلامهم منزلا لا مرد له وهم لم يقدموا إلينا جديدا مبتكرا! يا للمعرة!. . فلا يغرننا ذهبي الكلام ومنمق الألفاظ، فلنبحث الحقيقة ولنقدر الرجال، فلقد أمرضنا بخس الأقدار، واحتقار الأعمال الجسام!

يكاد الفرنسيون يحتكرون الاستشراق، فمنذ قرون عدة وهم المقدمون المشار إليهم بالبنان. هم يبدءون العمل ويفكون الألغاز ويتفهمون الرموز ويحلون الطلاسم، ثم يأتي بعدهم من ينسج على منوالهم، ولكنه لا يبذهم ولن يبذهم أحد، أمامك الأمثال شواهد. فهل من مماثل لهم أو قرين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>