للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، غدا اليوم عند المستشرقين في حكم المهملات لذيوعه وانتشاره إلاّ القليل منه التافه. وهو ليس منها بمكان كريم. إنك ترى الآن أن وضعه وأمثاله في مصاف المستشرقين والمستعربين فضلا عن عدهم ثقة وحجة بينهم وصمة عار وخيانة منا تجاه المستشرقين. . ويندر أن تقرأ في الشرق أسماء: دوسو وماسنيون، ولامنس، وكرا دي فو، وفران، وبرو كلمن وغيرهم من إجلاء العلماء في هذا العلم - هؤلاء من أفادوا الشرق حقيقة وتاريخه فائدة جليلة لا تقدر ولا يحصرها حصر - بجانب ما تقرأه عن رينان ولوبون ولا سيما الثاني فبهما تطفح صفحات النشرات وتغطي الزبى وتلتهم مفاخر غيرها. وبذا تجد أيها القارئ العزيز أن قد شططنا عن معقل العدل وواجب العرفان وأسأنا استعمال الشك؛ فحبذا لو وعينا ورددنا إلى كل حق حقه!

(مفكرو الإسلام) لكرا دي فو

-

أما الآن بعد تبسطنا، فقد آن لنا، أن نأتي على ذكر كتاب له اليوم مركزه العظيم، في عالم الاستشراق، إلا وهو كتاب (مفكرو الاسم) للمستشرق العلامة البارون برنار كرا دي فو. هذا الكتاب، عظيم بمحتوياته عظيم باستنتاجاته عظيم بجميع مباحثه، أن نذكر عملا خطيرا في عالم المشرقيات يمكننا بكل طمأنينة وثبات، أن نضع في المقدمة هذا التأليف؛ وهو مع أنه عمل للشعب الأوروبي عامة، والأفرنسي خاصة، وكما يقول المؤلف الكريم، ليعطي فكرة الأفرنسي عن الإسلام، وماضيه واعتقاده. وعزه الغابر، وجهده، وبذله. فقد أحله المستشرقون أكرم موضع، ولحظ في سائر منتديات العلوم في الغرب، بعين الاعتبار

والإجلال، فما أحرانا نحن باقتفاء أثرهم، وما أحرانا بالاستمتاع واستفادة فائدة من نواضر هذه الأفكار، الفذة التي لا شبيه لها. لغة هذا الكتاب عامة، سهلة، قريبة المأخذ، دانية التفهم من الفراء حتى من ضعيفي الملكة في الفرنسية من دون تعب ذهن ولا وصب عين. أما المؤلف فهو دون معارضة أحد أئمة هذا العلم في الغرب أجمعه، وإن كان غير معروف لدينا فهو اشهر من أن يذكر لدى علماء المشرقيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>