للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعها وأشتاتها. فأمام هذا السيل الجارف من المعتقدات خطر له أن يوحد دينا يتألف من جميعها. فأتى بكثير من رجال الأديان حتى من اليسوعيين للتجادل أمامه وسمح لكل بإنشاء معبده الخاص به وكان هذا المكان يدعى (عبادت خانه) أي بيت العبادة. فكانوا يخطبون فيه بكل حرية. وبلغت به فلسفة أن أنشأ على رغم تحريم الإسلام لصورة الحيوان معبدا ضم فيه إلى صور المسيح صور بوذا. ولقد كانت له حقا من فلسفته هذه - بل عدم إيمانه إذ أمكن (كما وصفه أحد مؤرخيه) تجاوزا عظيما عن كل ما يقتضيه الشرع الإسلامي. أجل أنها لثورة فلسفية ساكنة هادئة تحميها السلطة وتوطدها السلطة فالخوف. ولا تزال قاعة تلك المحاضرات المتعددة الأغراض المتباينة المذاهب والأديان تقوم في عاصمته (فتح بور سيكري). . . وفي حكمه ارتقى الفن في الهند ارتقاء عظيما، فقلعة (اكرا) الشهيرة هي من مبتكراته. فهو لم يكن فيلسوفا فحسب بل كان حاكما عالما يحب الرقي والفن في كل شيء حتى قيل أنه حسن الآلات الحربية واختراع طراز عجلات (عربات) وهلم جرا.

وإذا انتهينا من أمر الملوك والحكام نر إنا أمام المؤرخين وإذا البارون الكريم يحدثنا عن سبب جهلهم في أوروبة. لأن العرب لم تعرف قط معنى كلمة (تاريخ) كما نعرفها وكما كانت تفهم في أوروبة منذ عهود. فنحن إذا قرأنا تواريخ بلوطرخس المؤرخ اليوناني الشهير وقابلناها بما لدينا من كتب العرب المسماة (تواريخ) أطلعنا على الفرق العظيم الشاسع فتواريخ العرب عبارة عن قصص وأخبار مضطربة غير منسقة تختلف طولا وقصرا دون فكر إذ لا تمحص ما يقع تحت يدها بل تلقيها على القراء جزافا وقد نعت دي

فو المؤرخ العربي وأصاب بكونه (جامع أخبار وأنباء) (ومعلومات) ولم يكن قصده الاهتداء للحقيقة بل جمع الأحاديث وضمها بعضها إلى بعض وعلى القارئ أن يحكم وعليه أيضا أن ينقد. فالمؤرخ مخبر أنباء (معلومات) لا غير. . . ويزيد التاريخ العري تعقيدا ما يعتور لغة من جفاوة الأسلوب وقصر المقاطع مما يلبسه صبغة مملة. وقد تكون في بعض الأحيان أو في أحد الفصول ما ينفر القارئ نفورا كريها.

هانحن أولاء نتعرف بالطبري وابن مسكويه (ل. ع. صوابه مسكويه

<<  <  ج: ص:  >  >>