للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقسامها الجنوبية فيسمونها أرض الجنوب (تيمن) وفي القاموس: التيمن الجنوب ومنها اليمن وتدل هذه اللفظة في أصل اللغات الشرقية على اليمين أو اليد اليمنى. والسبب في إطلاقها على بلاد العرب أن من يستقبل المشرق بوجهه كان الجنوب إلى يمينه. وكان العبرانيون يقيمون في شمالي جزيرة العرب وهم هناك إذا استقبلوا مشرق الشمس كانت بلاد العرب إلى يمينهم.

فسموها التيمن أي اليمن ثم تشابه المعنيان اليمين والجنوب) انتهى كلام الهلال.

ثم نقرنا عن أصل هذه الكلمة في معاجم لغويي الفرنسيين وفي كتاب حضرة الأب لامنس عن الألفاظ الفرنسية المأخوذة من العرب، فألفيناهم جميعهم يقولون مثل هذا القول، أي أن كلمة من تصحيف الكلمة العربية (شرقيين) ومع هذا كله فأننا نستبعد هذا الاشتقاق لأن الأعاجم إذا أرادوا أن يسموا قوما أجنبي الجنس أطلقوا عليه اسما مأخوذا عنهم أو عن بلادهم أو اسما يضعونه لهم أخذا عن لغتهم. والحال أن العرب لم يتسموا بالشرقيين. كما أنه يستحيل على الإفرنج أن يسموا الناطقين بالضاد باسم غير موجود في لغتهم. ولهذا إننا نوافق صاحب الهلال في كلامه الأول ونخالفه في كلامه الثاني.

ولفظة (سرزين أو سراسين قديمة الاستعمال عند الإفرنج. فقد قال ابن بطوطة في رحلته (وكانت في سنة ١٣٣٣م) إلى بلاد الروم عند دخوله القسطنطينية ما نصه: (سمعتهم يقولون سراكنو، سراكنو، ومعناها المسلمون. (رحلة ابن بطوطة طبع باريس ٤٢٥: ٢) - وقد أشار ابن الأثير إلى أصل هذه اللفظة في الكامل (١١٧: ١ من طبعة القاهرة) إذ قال: (وكانت الروم تسمي العرب سارقيوس) يعني عبيد سارة بسبب هاجر أم إسماعيل) اهـ. وهذا الرأي عندي أصح من قول من تقدمت الإشارة إلى ذكرهم. وليس من البعيد أن تكون اللفظة منسوبة إلى سارة وهي مما يعرفونه وموجود في لغتهم. فقالوا إذن (ساريون) أو على طريق النسبة في لسانهم (سراكينو أو سراكينوي) إشارة إلى أنهم عبيد لسارة كما تنسب إلى من يكون في خدمة الملك أو السلطان أو القيصر فتقول فيه: ملكي أو سلطاني وقيصري لأن بعض الأسماء قد يضاف إليها أو ينسب إليها لأدنى علاقة بينها وبين الأصل.

إلاّ أني أرى رأيا آخر وهو: إن لفظة سرزين منسوبة إلى (سرحة) قال

<<  <  ج: ص:  >  >>