للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليونانيين للفظة أنها كانت في أول الأمر (سراهيين) لا (سرويين) أي أنهم اعتبروا السراة اسم جمع يشمل تلك الجبال المنقادة من اليمن إلى الشام، ولما نسبوا إليها اعتبروا الهاء الأخيرة هاء مصرفة كما في سنة، فأنهم قالوا في النسبة إليها سنوي على الأصل وسنهي على اللفظ. وهكذا قالوا في السراة: سروي على الأصل وسراهي على اللفظ.

وعندنا أن هذا الرأي أرجح وأن كان ذاك حسنا أيضاً في حد نفسه فليختر القارئ ما يشاء. أما القول بأن الأصل هو شرقيون أو كما قال آخرون سراقون جمع سراق بمعنى السارق أي كثير السرقة أي الغزاة فليس فيه شيء من الحقيقة وكذلك القول أن الأصل هو صحراويون فكل ذلك غير صحيح ومبني على الوهم.

ومن الغريب أن بعض الكتبة المسيحيين في القرنين الأخيرين جهلوا أصل هذه اللفظة كل الجهل، فأخذوا يعربون الكلمة عن الغربيين بلا فكر ولا هدى. وذكروها بصورة: سراكنة وهي واردة في تراجم القديسين مثلا في سيرة القديس صفرونيوس بطريرك أورشليم. وجرى في أثرهم الخوري يوسف داود زبوني الذي أشتهر بعد ذلك باسم المطران أقليميس

داود فأنه ذكر مسلمي العرب باسم السراكسة (راجع كتاب مختصر تاريخ الكنيسة للمعلم لومون ص ٣٢٢) وبعضهم ذكرهم باسم الشراكسة مع أن هؤلاء هم الشركس أو الجركس وقد نبه على هذا الغلط البطرك بولس مسعد فقد جاء في كتابه الدر المنظوم (تسمت دول العرب عموما بدول السراكسة نسبة إلى محل بين مكة ويثرب (المدينة) أو في الطريق التي تؤدي من مكة إلى القدس يدعى سوراقية أو سرقة ومسرقة وسرقا ومسريقا والشرق وهو غير اسم الشراكسة المطلق على دولة الأتراك الجركسية) اهـ.

ولكن لم يقل لنا المؤلف كيف أن سوراقية وأخواتها تنقلب سراكسة. ولا أين وجد تلك الأسماء التي في بعضها من الغرابة ما يطرد خبثاء الجن ولا جرم أن الباحث يحتاج إلى صرف جانب عظيم من مخيلته ليصل غليها والعلم لا يسلم به هذا فضلا عن أن هذه المواضع لا وجود لها في كتب البلدان ولا في الرحلات فلا ندري من أين أتى بها. والذي عندنا أنه نقلها عن الأجانب والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>