للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديانا ابن المقفع

قلتم في (٦: ٦١): في كل ما أوردتموه ليس دليل على تدين الرجل. . . وهذا لا يثبت أن القائل بها متدين بل أن الرجل كان دينا مع الدينين وخبيثا مع الخبثاء. . . وهل تنسون الآية. . .

فأقول: لم نجد دليلا للإيمان أعظم من إقرار المرء بإيمانه فاعترافه يثبت تدينه اللهم إلا إذا فهمنا من الخارج أو من كلام له ما يدل على كفره وإلحاده. أما الآية التي أوردتموها فقد نزلت في المنافقين ومن أين ثبت أن ابن المقفع كان دينا مع الدينين وخبيثا مع الخبثاء حتى تشمله الآية؟

الأبرياء من الزنادقة: لا يخفى أن الأبرياء الذين رموا بالزنادقة أما أن كان الرمي من قبل الجاهلين الذين يجهلون كلام الرجال ولا يفهمون مقاله فيحملونه على محمل سيء كالفيلسوف عمر الخيام النيسابوري فالجاهل لا يستطيع فهم بعض رباعياته فيأخذها على غير المعنى المطلوب. وأما إن كان الرمي من قبل الأعداء كأبي العلاء المعري الشاعر الدين الذي رماه أعداؤه بالمروق من الدين ووضع غواة تلاميذه وأهل عداوته أشعارا نسبوها إليه قصدا لإهلاكه وإيثارا لإزهاق روحه ولذا فقد ألف الشيخ كمال الدين بن العديم كتابا أسماه (دفع التجري على أبي العلاء المعري)؛ وصحة عقيدته ظاهرة من معظم

أشعاره وجميع أعماله.

وكذلك الحكيم البليغ ابن المقفع فلم يرمه أحد بالزندقة سوى عدوه سفيان ابن معاوية أمير البصرة وترى المؤرخين يقولون: إن ابن المقفع كان كثير الاستخفاف بسفيان بن معاوية فقتله سنة ١٤٣ هـ - ٧٦١ م فسبب قتل سفيان لابن المقفع هو حقده الناشئ من كثرة استخفافه به لا كما ادعاه هو نفسه من أن قتله إياه لزندقته. هذا فضلا عن أن الرجل المقر بالإيمان والتوحيد لا يقال له زنديق بمجرد أن رماه حاكم فاسق بالزندقة علاوة على أن العلماء الذين ترجموا الرجل وتعرضوا لذكر أحواله لم يذكروا إلحاده ومروقه.

سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

(لغة العرب) جاءنا هذا الرد منذ نحو سنة فلم يتهيأ لنا نشره سوى الآن لكثرة ما عندنا من المقالات فنعتذر إلى حضرة صاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>