للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دلالها وجلالها؛ إذ لم يكن من عاقبة شأنه وإياها إلا أن أفضت إليه بمقاليد كنوزها وكاشفته بأسرار نشوئها وتحليل آثارها ورموزها؛ فطفق يبسط لعين الفكر من بدائهها، ما لا تكاد تبصره عين الحس من مرتجلاتها ومطارفها. حتى أضاء علينا من أنوار تفننه بأساليبها اللفظية والمعنوية الفذة، ما وجدنا على ذلك الضياء أنوار الهدى؛ ولا سيما في منبلج صبح هذا الدور الذي فيه ذر قرن الغزالة العربية على أهم أقطارها التاريخية، وخصوصا عاصمتنا الأثيلة العباسية بعد أن توالت عليها مدلهمات الطوراق، فتركتها متسكعة في ظلام

غير مفارق استمر قرونا غير يسيرة لا يكاد يرى فيه ضوء الشفق العلمي البارق. وذلك - ولا جرم - أنطق دليل بأن عنصر سلالتها الممتازة بطيب محتدها المتفردة بمحاسن أخلاقها وصفاتها وبديع تكوينها، إذ أجمع الباحثون في الطبائع على أن لا ند لها في جميع الأجيال البشرية؛ لم يفنأ متسلسلا في دماء أعقابها، يستفزهم للإتمام بمعالم حضارتهم المقطعة الأوصال والنياط ويستحثهم لأن يقطعوا في الكر عليها أضعاف ما قطع الأسلاف في سبيلها من الأشواط.

بل إن ما زاد الاحتفال إجلالا وإكبارا فرن صداه في صدور الأندية إعجابا واستبشارا؛ انتداب فخامة رئيس الوزراء آيته الغراء، للاضطلاع بأعباء هذا الحفل وتأليفه في باحة داره الغناء؛ وهل من عجب أن غدت هذه الباحة؛ باحة إلى الفصاحة لأن الشيء لا يستغرب من معدنه.

على أنه حري بي ههنا أن أجتزئ عما توخيت بيانه من الكلام - في موضوع هذا الاحتفال وما ينجم عنه من المؤثرات المعنوية. والمقومات الأدبية - بالإلماع إلى الأمر الخطير الذي استشف من غضون ترجمتكم لدى تفصيلها لنا تعداد ما وفقتم لوضعه من التآليف النفيسة المختلفة المواضيع. وما يتخلل بعضها من المباحث المبتكرة التي لم يسبقكم إليها مسابق. ولم يمر طيفها بمخيلة عالم محقق

<<  <  ج: ص:  >  >>