للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاءت مؤيدة لما أقره عالم العلم والأدب من سمو فضائلكم في المراتب العلمية وبعد غوركم في البحث فيها قصد استبطان دقائق مغيباتها. فعسى أن تدب روح (الحمية العربية الحقة) في بعض ذويه فتتألف منهم جمعية وطنية تهتم بإبراز مكنونات هذه الدرر السنية من وراء سجفها توسيعا لنطاق العلم وتعميما للنفع، وذلك اقتداء بالأمم التي لاحت شمس العلم لامعة في كبد سمائها، فتفشت عوامل الحياة الحقيقية في أوطانها فأثرت في بنائها وأخلاقها وطباعها وعوائدها لاستمرار فعلها وثبوت أثرها فيها بحيث أمست لا تكاد توقع ظهور مصنف نافع إلا تضافرت متنافسة على عقد الاتفاقات مع مؤلفه على طبعه فيتهافت القوم على اقتنائه، وتتبارى الصحف والمجلات في نشر ألوية الإطراء على ما ضم من جلائل الأغراض بين دفتيه؛ إذ هي إنما تخدم بذلك نفسها أولا وبالتالي تكون ذريعة إلى إضرام نار التفاضل في صدور علمائها للإقدام على موالاة الأكباب على التآليف الرافعة لشأن العلوم، والمنيرة لقوى النفوس؛ وإلا فما أخلق

وأبر بحكومتنا الحكيمة التي لم يبق من لم يشعر بدبيب عناصر الحياة الفتية في كيانها على أثر تضافرها على ضرب أطناب العلم والمعارف في أنحاء القطر كافة، وتوفرها على الدأب في تنظيم خطة شؤونها على مثال الحكومات المتمدنة توصلا إلى الإتقان والكمال، من أن تنشط بنفسها لمبادرة هذا المطلب الحيوي المحض بالإنفاق عليه من أموال البلاد (إلى أجل) بما يتسنى لها رده على خزينة البلاد شيئاً فشيئا، وذلك تعزيزاً لأقطابها في عيون الأوطان وسائر البلاد، لما أن هذه التآليف القيمة لم تكن في شيء من مزيد المؤلفات المتناولة بالنقل والانتحال، بل هي ثمرة الإخلاد والانقطاع إلى المطالعة واستقراء دواوين علوم وآداب الألسنة وأسفار التواريخ على تفاوت موضوعاتها وما يليها من متفرقات سائر العلوم والفنون جليلها ودقيقها وتمحيص حقائقها من مشتبهاتها وإقرار كل فرع منها في نصابه. وبديه أن هذا مما لا يستعان على إدراكه إلا بترشيح السجية له منذ أول أدوار حياة الإنسان الأدبية فينشأ عليه ويعتاده وينمو فيه بنموه حتى تنفعل به المواد المركب منها جسمه فيصبح كأنه قد فطر عليه ما هو شأن سائر الملكات المكتسبة للنفس، وهذا أيضا مما لا يتم إلا على تمادي الزمن وتطاول

<<  <  ج: ص:  >  >>