للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندنا من أقوال اللغويين الأقدمين لإثبات هذه الحقيقة ما لو تجسم لغدا كمامة تسد بها أفواه أولئك المتشدقين الذين ليس لهم من الاشتغال باللغة إلا الإدعاء الفارغ.

أما الألفاظ اليونانية والرومانية التي تمت إلى لغتنا بصلة النسب فهي تلك الألفاظ التي يكثر فيها الهجاء الواحد أو الهجاءان ومدلولها أمر طبيعي أو محاكاة الطبيعة وأما ما يدل منها

على الإمعان في الحضارة أو التوغل في الفكريات والنظريات أو على شؤون لا تعرفها العرب، أو ما كان من هذا القبيل فإنها خاصة بتلك الأمم وقد اقتبسها السلف حين مخالطتهم إياهم.

والذي عندنا أن ما اقتبسه الإغريق والرومان ما آبائنا أوفر مما استعاره أجدادنا من تلك الحمراء والصفراء.

وما حدث في العهد القديم من تحول الألفاظ وتنقلها من قوم إلى قوم واقتباس بعضهم ألفاظ البعض الآخر كل هذا يقع في عصرنا لأن العوامل الفعالة واحدة في البشر فهي لا تتغير ولا تتحول. ألم يقتبس بعضنا كلمة فاميلية ومرسي وربل ومثلها مئات ومئات مع أنه عندنا الأسرة أو الأهل وشكرا والقطار أو السكة الحديدية وبيننا من يتحزب للإفرنج وأوضاعهم فيستعمل ما يستعمله هؤلاء العلوج كما يرى بيننا من يسير على نهج العرب المخلصين وإن أصبحوا هزءا في عيون أولئك الشعوبية الممقوتين. فما يجري اليوم قد وقع أمس والشواهد أكثر من أن تحصى.

ولما ننسب إلى السلف وضع الحروف الأحادية الهجاء أو الثائيته، لا نريد أن نقول: أن كل ما كان على ذينك المبنيين يعود إلى قدمائنا، بل نريد أن نشير إلى الكثرة التي سادت في تلك الأوضاع؛ وإلا فللإغريق والرومان ألفاظ على طراز الوضع العربي بيد أنها من أقل مما ورد من جنسها أخذا عن الناطقين بالضاد.

٤ - اقتباسنا الغريب

من غريب من استقريناه في هذا الموضوع أننا رأينا كلما عديدة وضعها الساميون ولا سيما أجدادنا العرب في عهد اختلاط الأمم بعضها ببعض على صعيد سقي البحر

<<  <  ج: ص:  >  >>