للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باتفاق وقع بين اللغتين كما قالوا للمسح بوزن الملح: بلاس وللصحراء: دشت) اهـ. واقتباس السلف كلما من جيرانهم مع استغنائهم عنها أكثر من أن يسمى فهذا الهلام أشهر من أن يذكر ومع ذلك أنهم أخذوا عن الأعاجم الخاميز. قال الليث: الخاميز اسم أعجمي إعرابه (عامص وآمص). وزاد في التاج: وبعضهم يقول: عاميص وآميص. وقال ابن الإعرابي: العاميص الهلام. وقال الليث: طعام يتخذ من لحم عجل بجلده. وقال الأطباء: الهلام هو مرق السكباج المبرد المصفى من الدهن. قلنا: هو المسمى بالفرنسية وقال ابن سيده: الخاميز أعجمي حكاه صاحب العين ولم يفسره قال: وأراه ضربا من الطعام. كذا في اللسان والتكملة.

وجميع اللغويين صرحوا في عدة مواطن من تآليفهم أن السلف اقتبسوا ألفاظا جمة من الأعاجم وكانوا في مندوحة عنها. قال ابن المكرم صاحب لسان العرب في كتابه (نثار الأزهار في الليل والنهار) معددا أسماء القمر فأوصلها إلى تسعة عشر ثم ذكر العشرين فقال: (والسلني وهو اسمه باليونانية وقد تكلموا به - وذكر من أسماء الشمس تسعة وعشرين أما الثلاثون فهو ايليوس. قال: (وايليوس وهو اسمها باليونانية وقد تكلموا به إذن وجود الشيء عند السلف لا يعني أنهم لم يضعوا له اسما في لغتهم ولا معناه أنهم في غنى عن اقتباسهم أوضاعا من جيرانهم لتأدية ذلك المعنى عينه والذي قد وضعوا له مسمى من سابق العهد بل معناه الإكثار من الأوضاع لا غير.

وعدم إدراك هذه الحقيقة دفع كثيرين إلى كتابة أمور يضحك منها الواقف على سر هذا الاقتباس على أن هذا الإنكار لم يرد في أقوال الأقدمين من لغويينا بل في بعض الكتاب المعاصرين الذين عرفوا شيئا وغابت عنهم أشياء فهم معذورون لأن الدافع إلى مقالهم هذا غيرتهم على تراث الأقدمين لا اجتهاد ولا تثبت في الحقائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>