صلاتهم باليونانيين الأقدمين الأبطال من أوثق الصلات وأقواها: وقد أثبتت الأخبار أن أكابر الحثيين كانوا يصاهرون أماثل اليونانيين. ووجد اليوم من الأنباء القديمة أن الدولة الأخانية الكبرى - التي ترتقي إلى النصف الثاني من الألف الثاني قبل المسيح - كانت تراسل عظماء الديار التي نسميها اليوم بالأناضول القباذقية وتواصلهم وصالا مهما يدل على ارتباط قلوب بعضها ببعض.
٤ - زد على ذلك أن أخبار التوراة تفيدنا أن أبناء (حث) كانوا ينزاون ربوع كنعان من شماليها إلى جنوبيها. وكان من الحثيين فرع ثالث يقيم في قيليقية وكانوا مرتبطين بالحثيين الكنعانيين - شماليين كانوا أم جنوبيين - ارتباطا وثيقا وعززت هذه الحقيقة مكشوفات فجر هذا العصر.
٥ - من الأدلة الجديدة العهد المراسلة التي عثر عليها في (تل العمارنة)، فإن أغلب ما فيها يبحث عن شؤون كنعان، ولغتها الرسمية المألوفة هي السامية وفيها أمثلة من رسائل أخرى عبارتها ميتنية وحثية. وهذا ما يدل دلالة صريحة على أن ارتباط الساميين بالاسيانيين كان ارتباطا وثيقا ومحكما فهو إذن دليل تاريخي منيع لا يتيسر نقضه.
هذه أهم ما عندنا من الأدلة، ومن كان له رأي يخالف رأينا فليأتنا بما عنده لنرى مكانته من الحقيقة والمناعة، إذ لا ندعي العصمة في ما نقول، بل ننزل عن فكرنا حالما نرى من ينسفه نسفا بالطريقة العلمية الصحيحة.
٣ - ميدان اجتهادنا
إننا لا ندعي أن جميع الألفاظ الإغريقية والرومانية عربية الأصل كما لا ندعي أن ليس في لغتنا من ألفاظ الأقوام التي جاورهم أجدادنا، فإن كل جيل أعار الجيل الآخر جاره شيئا من مصطلحاته وأوضاعه الخاصة به، حتى أن أجدادنا اقتبسوا بعض الألفاظ التي كانوا في
غنى عنها.
قال محمد الرازي:(وهم (العرب) ربما استعملوا بعض كلام العجم