للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل للأوضاع العربية.

٢ - في اللغتين المؤتمتين ألفاظ لا ترجع أصولها إلى مواد معروفة فيهما، وهذا ما أقر به جميع لغوييهم العصريين من ألمان وإنكليز وفرنسيين وإيطاليين وغيرهم ولما عارضناها بالأوضاع العربية: وجدنا مفتاحها فيها فهي إذن من أصل عربي صريح، إذ لغتنا وحدها تحل مغلقها وتؤيد معناها وتطلعنا على سر وجودها في تلك الألسنة.

ورب معترض يقول: إن العربية العصرية أو العربية التي استحكمت أصولها قبيل الإسلام غير العربية القديمة التي كانت في تلك العصور الواغلة في القدم. فعربيتنا في هذا العهد حديثة بالنظر إلى اللغتين المؤتمتين، ولا سيما مدوناتهما، فأنها أعتق من مدونات عدنانيتنا بعدة قرون. فكيف يسوغ لك أن تذهب إلى رأيك هذا؟

قلنا: إننا لا ننكر من هذه الحقائق إلا بعضا منها. نعم إن الصيغ والتراكيب والمباني في لساننا قد تختلف عما كانت عليه في الأزمان البعيدة العهد إلا أن (مادتها الأصلية واحدة) وإن اختلفت صورها وصيغها. وأكثر هذه المواد تعرف عروبتها لأنها أحادية الهجاء. ثنائية الحرف، أي أنها في أبسط حالة يمكن أن تكون عليها الكلمة في أول وضعها ونشوءها. فالمضاعف الثلاثي عندنا ما هو في الحقيقة إلا أحادي الهجاء ثنائي الحرف. أما أنه ثنائي الهجاء ثلاثي الحروف فهو من ابتداع النحاة ومن نتاج مخيلتهم ليلحقوه بسائر الأوضاع الثلاثية التركيب. وإلا فأصل (فر) مثلا هو بفاء مفتوحة وراء ساكنة حكاية لصوت الفرار والذهاب أو الطيران. ولما شددوا الراء وفتحوها أرادوا تحقيق الراء - وهو

الحرف الأخير - لكي لا يخلط بحرف آخر ويتضح أنه راء محضة لا حرف آخر.

والإفرنج لا يريدون أن يقروا بهذا الأصل العربي فهم ينسبون تلك الأوضاع إلى لغات كانت معروفة عند سكان آسية المتقدمة، وهم غير الأمم اليونانية المعهودة عندنا. وقد اخترعوا لهم اسما يدلون به عليهم، وهو (الأقوام الاسيانية) وسموا لسانهم (الاسياني).

٣ - مما لا ينكر أن أناسا من الحثيين كانوا في عداد الترواديين وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>