للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العديدة التي ألبسها من مخترعات براعته غلالة كلها لآلئ ودرر رطبة.

ولعل معترضا يقول: (إن لغة العرب) تعرضت لهذا الموضوع، إذ أظهر مصطفى أفندي جواد ما في (الشفق الباكي) من المحاسن الفتانة والجواهر الغوالي فما معنى هذا العود إلى الموضوع؟).

قلنا: إن الأستاذ النقادة مصطفى أفندي أشار إلى ما في ذلك الكنز الثمين من الفرائد الأبكار. لكنه لم يتعرض لمنزلة صاحبها ومحله من جماعة الشعراء العصريين إخوانه، ولعله فعل ذلك ليوسع لنا مجالا في هذا الميدان غير المجال الذي أظهر فيه مقدرة الأستاذ أبو شادي في ابتداع المعاني وإفراغها في أجمل الصيغ وأشهى النغمات المطربة للأذان والأذهان.

٢ - نظرة عامة في طبقات شعراء مصر العصريين

كان الشعر في مصر انحط انحطاطا عظيما حتى بلغ أدنى دركاته في عهد المماليك وعهد الترك ثم أخذ بالنهوض في عهد محمود سامي باشا البارودي (١٨٤٠ - ١٩٠٤) حتى قال فيه المنفلوطي: (شيخ شعراء هذا العصر وأول من أحيا سنة الشعر العربي بعد ما دارت الأيام دورتها.) ومن تلاميذه: حافظ إبراهيم وشوقي ومن طرس على آثار البارودي في رأس النهضة الأولى من النهضات الثلاث المعروفة في عهدنا هذا وأصحاب هذه الطبقة استعادوا الديباجة العربية الصافية والمعاني البديعة السامية التي اخترعها السلف في صدر ازدهار العربية.

وأما النهضة الثانية فكان ابتداؤها على يد خليل بك مطران إذ أخذ يعاني طرزا جديدا يحاكي به أسلوب الغربيين على اختلاف قومياتهم فاندفع وراءه أبو شادي وشكري (عبد الرحمن) والعقاد (عباس محمود) والمازني وغيرهم فكانوا يصوغون الأشعار الإفرنجية فيفرغونها بقوالب عربية بديعة وكان الفضل لأصحاب هذه النهضة إحياء الشعر حياة عصرية يتدفق فيها ماء الشباب والتجدد ثم نهض الشعر النهضة الأخيرة في شخص رئيسها ورافع لوائها العجيب الأستاذ أبو شادي فانتهت إليه الرئاسة إذ استقل في السنوات الأخيرة من جهة التفنن بابتكار ميادين جديدة واسعة ليجول فيها الشعر العصري فضلا عن التعابير الحرة والمعاني الحديثة والاستعارات البديعة والتشابيه المنتزعة من البيئة الراقية العصرية فأخضع

<<  <  ج: ص:  >  >>