للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النظم للشعر عوضا من أن يخضع الشعر للنظم كما فعله بعضهم ولا يزالون يفعلونه لأنهم من الطائفة المقلدة تقليدا أعمى وليس من هؤلاء الفرط المجددين

المجتهدين. وهذا ما وسع أفق الشعر العربي كثيرا حتى مده إلى ما لا نهاية له وحفظ للغة كرامتها أمام سيل العامية الجارف وأمام جلاميد التنطع التي يأتي بها الجامدون ويعترضون بها نهج التقدم الضروري لمن أراد هذه الحياة ومقارعة الأمم التي تحاول قهرنا في عقر دارنا.

٣ - شهادات المجلات الكبرى

لعل أحد القراء يتهمنا بالتحزب لحضرة صاحب السعادة أبو شادي، إلا أنه إذا أطلع على شهادات أصحاب المجلات الكبرى التي تصدر في مصر القاهرة يرانا قد قصرنا في ما سجلناه لفضله على اللغة والناطقين بها، وعلى الوطن العربي وسكانه. فدونك الآن شهادة العصور، فقد قالت:

الشفق الباكي

والشفق الباكي عنوان قصيدة من ديوان إليك بعض أبياتها:

لا الشعر شعر ولا الأوزان أوزان ... إن فاته من شعور الكون ميزان.

هذا هو الشفق الباكي بحرقته ... وهذه السحب فيها الدمع نيران.

باتت عن الشمس فارتاعت لفرقتها ... كما يراع لدفن الحسن هيمان.

وذلك الهيكل المصدوع يماؤه ... حزن، وتطفو على مرآه أحزان.

وهذه العمد - اللاتي يشققها ... ذكر ووجد - براها الآن تحنان.

وهذه الشمس في الأجيال تحرسها ... كأنما هي بعد الله رحمن!

ثم يذهب بك في القصيدة من جمال الفن إلى جري الغرير ومن التمثال الساكن إلى السحب في عليائها ومن البلاد إلى القرية ومن التل يموت عند تنفس الصباح موت تشريد، إلى أن يرجع إلى نفسه فيقول:

أما أنا فأنا الباكي الصبا حرقا ... ولن تعيد مضاع الإنس أشجان

والنادب الحب، والحب الغزير إذا ... ولى فما لشهيد الحب سلوان

كأنما الشفق الباكي يمثلني ... لكن حزني أصناف وألوان

الأرض تشجى التياعا للفراق وإن ... جاء الصباح بوصل منه تزدان

فكيف بي وأنا المحروم في زمني ... وكل عمري تباريح وحدثان؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>