تعنى عناية عظيمة بتصحيح النص فيكون القارئ مطمئن البال عند مطالعته الكتاب ٤ - لأنها لا تطبع من الأسفار إلا عيونها فتكون فخرا للعرب وسبب مباهاة بين الأمم الواغلة في الحضارة والعمران والتأليف.
على أن في مصنفات الأقدمين ألفاظا إصلاحية جمة تحتاج إلى تقليب النظر فيها ليقع القارئ على صحيحها ولا يعثر بما أفسده النساخ. فيغتر به أعظم اغترار ولهذا راجع مصححو هذا السفر الجليل طائفة من الكتب الأدبية فكانت تلك التصويبات من أجل مزايا هذه الطبعة حتى إنه لو أتيح للمؤلف أن ينبعث لشكر جميع الذين قاموا بإبراز هذه الدرة الرطبة بالمحاسن التي تتلألأ بها. وهناك حسنة أخرى هي أن الحواشي مزدانة بشروح جليلة تغني المطالع عن مراجعة معاجم اللغة.
بقي على المعتنين بإلباس هذا الكتاب هذه الحلة الحسناء - ١ أن يضموا إلى آخره فهارس على مثال فهارس الأغاني.
٢ - أن يضعوا ملحقا له ويذكروا فيه الألفاظ التي وردت في هذا التصنيف الجليل ولم ترد في كتب اللغة ونحن في حاجة إليها في هذا العصر وهذا ما يفعله المستشرقون في طبع كتب أقدمينا فإنهم يفرزون لها أوراقا في آخرها يرتبون فيها على حروف الهجاء جميع الكلم الخاصة بالمؤلف.
وبعد أن تصفحنا شيئا كثيرا من هذا السفر الجليل وجدنا فيه بعض مغامز كنا نود أن لا تكون فيه. فقد ذكر مثلا في حاشية ٢١٦:(المسبار فتيل يدخل في الجرح ليعرف كم عمقه) قلنا: وليس الفتيل من الأمور الخاصة بالمسبار. ولو قيل: ما يسبر به غور الجرح لكان أصح وأبين وأشمل.
وجاء في ص ٢٨٠ س ٧ (ورجح بين مذهبي ماني وغيلان) ونظن أن الصواب: (ورجح بين مذهب ماني ومذهب غيلان لأن قوله بين مذهبي ماني وغيلان) يدل على أن لماني
ولغيلان مذهبين مشتركين وليس الأمر كذلك إنما المراد أن لكل من هذين الرجلين مذهبا منفردا. فإذا كان الأمر على هذا الوجه لم يجز لنا إلا أن نقول مذهب (بالإفراد) حتى نأمن اللبس. نعم إن مثل هذا التعبير ورد في كلام بعض المولدين. لكن التدقيق في المعنى يدفعنا إلى أن نسلك آمن الطريق لنسلم من العثار.