للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولين ثم هاجمهم بعد ذلك بأجيال شعب غريب واستولى على المدينة فأقصاهم عنها صاغرين.

وهذا الشعب المهاجم أقبل من بلاد نائية مجهولة وربما كان قد وافى من أواسط بلاد العرب فباغتهم على حين غرة وأنتزع المدينة من سلطتهم.

نزل الساميون القطر العراقي منذ زمن بعيد واحتلوا الطرف الشمالي منه وقد اشتهرت تلك الربوع بديار (أكد) وكان أول ملوكهم العظام سرجون الأول الذي استولى على مدينة أدب بعد حروب عنيفة سالت على أثرها الدماء كالأنهار لمناعة حصونها فإن جيوشه الجرارة التي بأيديها المقاليع دكت أسوار المدينة واحتلتها وباتت تابعة للملك القاهر وقد أمر جنوده بنهب هياكلها ونزع تماثيل ملوكها من مواطنها ولا يعرف معرفة جلية ما حل بالسكان ولا بد أن الكثيرين منهم قتلوا واسروا ومثل بقوادهم وزعمائهم شر تمثيل والبقية الناجية من بطشهم وفتكهم الذريع خضعت صاغرة للعدو ومنهم من لاذوا بالفرار وانضموا إلى أعداء الفاتحين وقد سمح لجماعات من سكان أدب بالإقامة في محلات معينة بعد أن شطرت المدينة شطرين فكان يقطن في الجهة الواحدة الشمريون وفي الجهة الأخرى الساميون وكانت إحدى محلات الساميين واقعة بالقرب من باب المدينة إلى الطرف الغربي منها حيث كانت تقيم حاشية الملك وكبار رؤسائه وممثليه وأعيانه والمقربين منه وقد عثر

النقابون على أسمي حاكمين من حكام سرجون يمتثلان أمر ملكهم ونواهيه.

إن الحكم ولو أنتزع حينا من يد الشمريين على أثر اندحارهم الرائع فأن حضارتهم استمرت زاهية مدة خضوعهم للفاتحين الأشداء ولم يطل زمن استيلاء الساميين على هذه المدينة إذ انتهى بموت نرأم سين بن سرجون الأول وقد عثر الدكتور بنكس على شذرة من الذهب مكتوب فيها أخباره ومعاركه (٢٧٠٠ ق. م).

عاد الشمريون وقبضوا على صولجان الحكم بعد أن دحر الأكديون وتشتت شملهم من أدب غير إن هذه المدينة أصبحت بعد ذلك تابعة لملوك أور ومنهم أور أنجور ودنجي وجميل سين (٢٤٥٠ ق. م) وقد وسع هؤلاء الملوك الهيكل وأعادوا

<<  <  ج: ص:  >  >>