للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناحية نقع مرة في طريق كرمان وتارة نقرب من أصبهان فرأيت من الطرق والمعارج مالا أحصيه وفي هذه الجبال صرود وجروم ونخيل وزروع ورأيت أسهلها وأعمرها طريق الري وأصعبها طريق فارس وأقربها طريق كرمان وكلها مخيفة من قوم يقال لهم القفص يسيرون إليها من جبال لهم بكرمان وهم قوم لا خلاق لهم وجوههم وحشة وقلوبهم قاسية وفيهم بأس وجلادة لا يبقون على أحد ولا يقنعون بأخذ المال حتى يقتلون صاحبه وكل من

ظفروا به قتلوه بالأحجار كما تقتل الحيات يمسكون رأس الرجل ويضعونه على بلاطة ويضربونه بالحجارة حتى يتفدغ وسألتهم لم تفعلون ذلك فقالوا حتى لا تفسد سيوفنا فلا يفلت منهم أحد إلا نادرا ولهم مكامن وجبال يمتنعون بها وقتالهم بالنشاب ومعهم سيوف، وكان البلوص شرا منهم فتتبعهم عضد الدولة حتى أفناهم وصمد لهؤلاء فقتل منهم كثيرا وشردهم ولا يزال أبدا عند المتملك على فارس رهائن منهم كلما ذهب قوم أستعاد قوم وهم أصبر خلق الله على الجوع والعطش وأكثر زادهم شيء يتخذونه من النبق ويجعلونه مثل الجوز يتقوتون به ويدعون الإسلام وهم أشد على المسلمين من الروم والترك ومن رسمهم أنهم إذا أسروا رجلا حملوه على العدو معهم عشرين فرسخا حافي القدم جائع الكبد وهم مع ذلك رجالة لا رغبة لهم في الدواب والركوب وربما ركبوا الجمازات، وحدثني رجل من أهل القرآن وقع في أيديهم قال أخذوا مرة فيما أخذوا من المسلمين كتبا فطلبوا في الأسرى رجلا يقرأ لهم فقلت أنا فحملوني إلى رئيسهم فلما قرأت الكتب قربني وجعل يسألني عن أشياء إلى أن قال لي ما تقول فيما نحن منه من قطع الطرق وقتل النفس فقلت من فعل ذلك استوجب من الله المقت والعذاب الأليم في الآخرة فتنفس نفسا عاليا وأنقلب إلى الأرض وأصفر وجهه ثم أعتقني مع جماعة، وسمعت بعض التجار يقول إنهم يستحلون أخذ ما يأخذونه بتأويل أنها أموال غير مزكاة وإنهم محتاجون إليه فأخذها واجب عليهم وحق لهم. انتهى كلامه.

وقال أيضا في مادة قفص:

القفص بالضم ثم السكون وآخره صاد مهملة جبال القفص لغة في القفس

<<  <  ج: ص:  >  >>