كان يقول لهم هذه المصوغة الذهبية التي صغتها لكم إذا أحببتم أن تعيدوها إلي بعد مدة قصيرة أو طويلة فأني أشتريها بثمن الذهب الذي كلفكم وبالحقيقة كان يجري قوله بعمله.
ومن مزاياه التي خص به دون غيره من صاغة بغداد أنه إذا عين يوما لإنهاء ما يطلب منه من المصوغات دفعه إلى صاحبه أو صاحبته في اليوم وفي الساعة إذا كان قد عين لهما الساعة ولم يخل بهذا الأمر مرة واحدة في حياته كلها. اللهم إلا إذا وقع عارض لم يكن يتوقعه.
ولهذا السبب كان الشغل يتراكم عليه فكان يصوغ طول النهار وربما إلى نصف الليل ولا وقت له للراحة سوى وقت الطعام والنوم.
ولم يحد عن هذه المبادئ أبدا وكان قد تلقاها وراثة عن والده وجده. وينقل عن والده أنطون إنه لم يوجد في عهده رجل حسن السيرة والسريرة والأخلاق المهذبة كما كان هو عليها. وقد اقتدى يوسف بوالده فكان متمسكا بدينه ومتمما واجباته ببساطة وحسن نية وتقوى ويؤكد إنه لم يحد عن الطريق المستقيم في إبان شبابه ولا في حياته كلها إذ امتاز بالشغل والجد والسعي إلى أن خانته قواه في آخر أيام صباه ولهذا كسب ثروة طائلة فضلا عما ورثه من أبويه.
وقبل أن يغادر هذه الحياة كان مواظبا كل المواظبة على مراعاة أصول ديانته متشوقا إلى رحيله إلى الآخرة حتى أنه قبل وفاته بقليل طلب من نفسه الزاد الأخير ليواجه ربه. وطلب أن يدفن في فناء الكنيسة حتى يجلب مدفنه انتباه المارين به ليصلوا من أجله.
ووقف عن نفسه ونفوس أقاربه وآله وقفا مؤبدا لصنع الخيرات. رحمه الله وأبقى لنا في أولاده أحسن ذخر.