غناؤها وعدل بحسب الأصول الفنية العصرية يكون تأثيرها في النفوس أكثر من تأثير غيرها فيها لأن فيها تنوعاً متعدداً لا يرى في غيرها وخالياً من وحدة السياق إذ يجد فيها الفنان بعض محاسن الموسيقى الفارسية والتركية.
ومما اشتهر به أيضا الصياغة فقد أولع بها منذ صغره كما أولع بالموسيقى وتلقى هذا الفن من حنا بن توما هندي الكركوكي كان أستاذه هذا يعجب بذكاء تلميذه ومن جملة ما يحكى عنه أن أستاذه عجز مرة عن إكمال حاجة فلما ضاق صدر منها ألقاها في الدكان ومضى إلى الخارج ليروح نفسه ولما عاد إلى محله وجد الحاجة قد تم صنعها على أحسن وجه كان يتمنى أن تكون عليه. فلما سأل تلميذه عن ذلك قال إنه أتمها بنفسه على ما أوحى إليه الفن ومنذ ذلك الحين أيقن أن هذا الحدث يكون داهية في الصناعة وكان كذلك ولما أتقن الصناعة وأخذ يشتغل على حسابه أهدى باكورة مكسبه إلى والده الذي كان طريح الفراش يومئذ.
وكان إذا طلب منه أحد صياغة شيء أتقن عمله حتى أنه لا يمر في خاطره أن يذهب إلى غيره وقد شوهد أناس اتخذوه صائغا لبيوتهم طول حياتهم ولا سيما كبار الحاضرة من مسلمين وغيرهم كآل الباجه جي وكان يضرب المثل بحسن صياغته فيقولون: صياغة هذا الشيء تشبه صياغة يوسف جوجو (وجوجو اسم تحبيب ليوسف) وقد جلبت هذه الشهرة إليه جماعة من شبان النصارى الذين تعلموا منه هذا الفن أو بقوا عنده مدة ثم فارقوه.
ومما يزيده قدرا فوق فنية الموسيقى والصياغة نزاهته واستقامته في جميع أعمال حياته. فقد كان رجلا (إسرائيليا لا غش عنده) وأكد مرارا عديدة أنه في حياته الطويلة لم يخدع
أحدا بالذهب الذي يصوغه حتى أنه ما كان يضع فيه ذرة من البهرج أو ما يخالف الأصول المرعية عند الصاغة وإثباتا لذلك