نفوسهم بحرب بعضهم بعضا والنار من ورائهم محرقة، وهم لا يعلمون فيقوم قيام مثله ويجهد في جمع كلمة ملوك الإسلام ليهتموا بلقاء العدو الذي لا يبقى ولا يذر ولا تهولنكم ما سمعته فإن هولاكو قد خرج ومعه من المغل عشرة آلاف لا غير ويكون مع أبجي نوبن مسانو عشرون ألف أخرى ومتى اهتممتم بأمره وأعلم أنكم تلاقوه عدل (كذا) عن لقائكم وقد أعذر من أنذر.
وحكى لي والدي رحمه الله أن الملك الناصر لما اتصلت به هذه الحكاية من كتاب علاء الدين المشار إليه قال: كنا بدمشق فأرسل إلي ليلا وأمرني بالكتابة بهذه الصورة إلى صاحب مصر الملك المعز وأمر نظام الدين بن المولى أحمد كاتب الإنشاء بالمكاتبة إلى الخليفة بالصورة فلم تتم تلك الليلة إلى أن جهز كتاب الخليفة وكتاب الملك المعز صحبة البحاثين كل لهذا الأمر في غاية ٧٧) التيقظ والتحفظ والاهتمام بحسم المادة فيها فلا برح حاله يتقهقر وأصحابه يخونونه والأقدار تسوقه إلى أن أخذت البلاد منه ومن بقية الملوك وهو لا ينجي بنفسه ومن جملة أنه ورد عليه الخبر بأخذ حلب واستيلاء العدو على حريمه وهو منشغل عن ذلك بإملاء ما على خطره من الشعر وكان ذلك في معرض أن الله تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه وإذا أراد نقض دولة لا يقدر واحد على إبرام أمره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
٧٩٢ سنة ٦٥٤ وفيها هلك آتو خان أحد ملوك التتار ووردت الأخبار إلى الشام بهلاكه في سنة خمس وخمسين. وقيل إن امرأته سحرته فمات من سحرها فقتلوها. وفي سنة أربع وخمسين وستمائة وصل رسول من هولاكو إلى دمشق وهو أول رسول وصل منه إلى الملك الناصر ومضمون رسالته بأخذ قلاع الاسمعيلية لنفسه. فلم يوافق الملك الناصر على ذلك.
٨٠٢ وفي سنة خمس وخمسين أرسل بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل رسولا إلى الملك المعز صاحب مصر يقول له: إنني قد أضعفت لك قلب الملك الناصر بتهويل أمر التتار والتخويف منهم وأحضه على الاهتمام بمن وراءه ولم يكفني ذلك حتى أوهمته من التجربة لئلا يأمر إليهم ولا يثق بهم. وأشرت على التتار أن يكرروا عليه الرسل بالحوالات والأفراحات حتى يفنوا خزائنه وأمواله