للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: أولا - إن البيت الذي فيه ذكر بني الديان جاء في ديوان الحماسة لأبي تمام في آخر اللامية المشهورة للسموأل إلا أن التبريزي في شرحه للبيت المذكور يقول أنه لعبد الله الحارثي لا للسموأل. ولو فرضنا جدلا أنه لأبن عادياء فهذا لا يدل على أنه كان نصرانيا بل يهوديا. لأن هذا الاسم مأخوذ من اللغة العبرية ويدل على القاضي عند اليهود وكان هناك عدة بيوت تنتسب إلى بني الديان لتوليهم القضاء في ذلك العهد. أما أن بعض بني

الديان تنصروا أو أن هناك نصارى كانوا تولوا القضاء للنصارى على مثال ما كان اليهود يفعلون فليس ببعيد.

٢ - إن ذكرى المسيح والحواريين لا يدل على نصرانية من يصرح بهم. فإن القرآن يصرح بهم وبكثير من أنبياء اليهود أفيقال أن المصحف هو للنصارى أو لليهود؟ وأن كثيرين من شعراء المسلمين ذكروا أئمة النصارى وأسماءهم وأسرارهم وكل ما يتعلق بهم، ولم يخطر على بالهم أن يكونوا من أتباع عيسى بن مريم أفيقال أنهم أظهروا الإسلام وأبطنوا النصرانية لغاية في صدورهم لم يبوحوا بها؟ كل هذه خرافات وترهات يتسلى بها أو يلهج بها من هو على شاكلة الأب المرحوم الذي رأى العنب بعيدا عنه قال: يا ما أحمضه!

٣ - لم يكن جميع غسان على النصرانية بل الذين هجروا ديارهم ونزلوا ربوع الشام. ودليلنا على ذلك ما قاله ياقوت في معجمه فقد ذكر في مادة مناة ما هذا إعادة نصه: (هذا أسم صنم في جهة البحر مما يلي قديدا بالمشلل على سبعة أميال من المدينة، وكانت الأزد وغسان يهللون له ويحجون إليه وكان أول من نصبه عمرو بن لحي الخزاعي. . .) اهـ وقال اليعقوبي في تاريخه (١: ٢٩٧): (وكانت تلبية غسان (عند وقوفها أمام صنمها): لبيك رب غسان راجلها والفرسان. اهـ. وقال في ص ٢٩٨ من الجزء المذكور: تهود قوم من غسان. وقال في ص ٢٩٩: وتنصر. . . غسان). وهذه الشواهد تدل على أن الوثنية واليهودية والنصرانية كانت في غسان والقول أنها كانت نصرانية لا غير من الخطأ والخطل ومن باب إفساد أخبار العرب وتاريخهم.

وهناك غير هذه الشواهد من ذلك أن سطيح بن ذئب كان غسانيا وكان كاهنا وكان على دين دهماء العرب كما روى هذه الحقيقة الاخباريون جميعهم - وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>