للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك (أي عند الغربيون) داخلة أخرى هي وتفيد الدخول أو الإدخال فقولهم مثلاً مركب من (في) المشتقة من التي معناها الأرض والتراب. فيكون معنى فعلهم (أنهمر) أدخل الشيء في الأرض أي دفنه فمن أين أتتهم داخلتهم هذه أي (أن)؟ - أن لغويي الغربيين ذكروا عدة ألفاظ وكلها لا تفيد المطلوب إذ يرى فيها التكلف ظاهراً أو كما يقول الفرنسيون ترى أنها مجذوبة بالشعر أو مستخرجة بالقوة والعنف لا باللطف والعقل.

والذي عندنا أن (إن) مأخوذة من العربية (عند) ومعناها عند الفصحاء الأقدمين من القلب (بمعنى الفؤاد) وداخل الشيء، فقول الفرنسيين معناه: وضعه في عند الأرض أو قلبها أو داخلها أي وضعه في باطنها، فيكون معناه دفن أو أودع بطن الأرض ولما لم يكن عندهم حرف العين قلبوه همزة كما هو مألوف عادتهم وحذفوا منها الدال تخفيفاً، وقد تجيء الدال بصورة التاء ومنها عندهم أي داخل الشيء و (عنده) أي قلبه. فأنظر محاسن لغتنا وكيف

أنها تكشف لك ما في سائر الألسنة من الخبايا والمغلقات والطلاسم.

أما أن سلفنا أما أن سلفنا أستعمل (عند) داخلة في بعض كلامهم، فهذا واضح من النظر إلى بعض الألفاظ فأنك ترى في أوائلها مرة العين ومرة النون ومرة الدال إذ لا يمكن أن يستعملوها كلها بحذافيرها لكي لا تجتمع كلمتان تامتان في كلمة.

فاستعمال الدال في كلامهم ظاهر في (دخل) فأن أصلها (خل) يقال: خل الشيء: ثقبه ونفذه. (ودخل) إذا مضى في باطن الشيء المثقوب أو المنفوذ فيه أو ما يضاهي المثقوب بأن يكون له باطن يتمكن من الذهاب فيه. ومثال اتخاذ النون من (عند) داخلة قولهم: نفذ فأن أصله فذ أي طرد طرداً شديداً فإذا قلت نفذت هذا الشيء الآخر فكأنك قلت: طردته في عنده أو في قلبه أو داخله أي خرقته وجزئه. - ومثال دخول (عين) عند على بعض الألفاظ لأفادت المضي في بطن الشيء أو باطنه قولك: عقرت بفلان: حبسته وهو في الأصل مأخوذ من (قر) في المكان أي ثبت فيه وسكن، فأدخلت العين عليه لكي تفيد إيلاجه وقصره فيه. هذا الذي نراه نحن، أما غيرنا من اللغويين فأنهم يزعمون أن

<<  <  ج: ص:  >  >>