للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقر بفلان بمعنى: حبسه مشتق من قولهم عقر بعيره فلم يقدر على السير. قلنا: ولم يقولوا هذا إلا للمشاكلة التي ترى بين عقر البعير وعقر بفلان. على حد ما قالوا أن العصفور مشتق من عصى وفر وأن الخندريس مشتق من خدر العروس وإبليس من بلس والإسطرلاب من أسطر ولأب! ولأب أسم علم عندهم، مع أنه لم يكن له وجود في العالم.

ولا نقف عند هذا الحد من ذكر الدواخل ففي لغات الأجانب لغات أخرى متوجة لمفرداتهم وهي في نظرنا مأخوذة من لغتنا. ومن هذا القبيل الداخلة أو فأم معناها عكس أي أنها تدل على الخروج والإخراج وقد حاولوا أن يجدوا لها لفظاً من لسانهم دالاً على المكان الخارج أو ما هو في خارج المحل فلم يعودوا إلا بما عاد به حنين. أما نحن فنقول أنها مقطوعة من (عقوة) التي تعني في لغتنا (ما حول الدار وساحتها ومحلتها وما كان خارجا عنها) وهذا لا تجده في لغتهم. فقد قلنا فويق هذا أن معنى (أنهمر) مثلاً مركب من (أن تخفيف عند) وهمس (كعنق) أي تراب أو أرض فيكون معنى الفعل وضع في الأرض. والآن إذا أرادوا أن يقولوا أخرج الشيء من مكانه الذي تحت الأرض يقولون (أكسهمر) بفتح الآخر أي نبشه أو أخرجه من القبر وعندنا أن أصل معناه: أخرجه إلى عقوة القبر أي

إلى خارجه أو إلى حوله أو ساحته.

أما أن السلف استعملوا قاف العقوة أو عينها أو كليهما معاً فظاهر من استقراء بعض المفردات الواردة في لغتهم، هذه كلمة العقنفس (كسفرجل) التي تعني العسر الأخرق واللئيم، فمن أين أتتنا؟ أتتنا من كلمتين من عق (وة) (ال) نفس أي خارج على النفس ولا يخرج عليها إلا كل عسر الأخلاق واللئيم ثم أبدلت الفاء من الباء على لغة فقالوا العقنبس. فأنت ترى أنهم استعملوا العين والقاف معاً. وفي قولهم عنشط الرجل استعملوا العين فقط ومعنى عنشط الرجل غضب ومعنى نشط طابت نفسه للعمل والغضب يخرج النفس من صاحبها لو أمكن لنا هذا التعبير من باب المجاز. أما إدخالهم القاف في الأول فكقولهم: القداحس الذي هو الشجاع والسيء الخلق وأصله عندنا الداحس أسم فاعل من دحس أي دس الشر من حيث لا يعلم وهو صفة ملازمة للسيء الخلق. فأنت

<<  <  ج: ص:  >  >>