للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام مولى القوم منهم ولقوله الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب قال (قالوا) فقد علمنا أن العجم حين كان فيهم الملك والنبوة كانوا اشرف من العرب وان الله لما حول ذلك إلى العرب صارت العرب اشرف منهم قالوا فنحن معاشر الموالي تقديمنا (بقديمنا) في العجم اشرف من العرب وبالحديث الذي صار لنا في العرب اشرف من العجم. وللعرب (الحديث دون القديم وللعجم) القديم دون الحديث. ولنا خصلتان جميعا وافرتان فينا. وصاحب الخصلتين افضل من صاحب الخصلة. وقد جعل الله الموالي (المولى) بعد أن كان عجميا عربيا بولائه كما جعل حليف قريش من العرب قرشيا بحلفه وبعد أن جعل اسمعيل بعد أن كان أعجميا عربيا. ولولا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن إسماعيل كان عربيا ما كان عندنا إلا أعجميا لان الأعجم لا يصير عربيا. كما أن العربي لا يصير أعجميا. فإنما علمنا أن إسماعيل صيره الله تعالى عربيا بعد أن أعجميا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك حكم قوله مولى القوم منهم. وقوله الولاء لحمة. قالوا وقد جعل الله إبراهيم ع م أبا لمن لم يلد كما جعله أبا لمن ولد. وجعل أزواج النبي أمهات المؤمنين ولم يلدن منهم أحدا. وجعل الجار والدمن لم يلد في قول غير هذا كثير وقد آتينا عليه في موضعه. وليس ادعى إلى الفساد ولا اجلب للشر من المفاخرة. وليس على ظهرها إلا فجور إلا قليل. وأي شيء اعبظ (أغيظ) من أن يكون عبدك يزعم انه اشرف منك وهو مقر انه صار شريفا بعتقك إياه.

وقد كتبت مد الله في عمرك كتبا في مفاخرة قحطان وفي تفضيل عدنان وفي رد الموالي إلى مكانهم من الفضل والنقص وإلى قدر ما جعل الله تعالى لهم بالعرب من الشرف. وارجوا أن يكون علا بينهم وداعية إلى صلاحهم ومنبهة إلى ما عليهم ولهم. وقد أردت أن أرسل بالجزء الأول إليك ثم رأيت إلا يكون إلا بعد استئذانك واتئمارك والانتهاء في ذلك إلى رغبتك فرأيك فيه موفقا أن شاء عز وجل وبه الثقة.

تم كتاب أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في النابتة والحمد لله أولا وأخرا والصلوة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>