للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ننهض بالتبعة الطريقة من التداخيل في اللغة. ولا نألو - والله يعلم - جهداً ولا نذخر مضاء في الثورة على القديم، وبعثة إلى اسفل سافلين: إذا كان هنالك فائدة تنتج أيضاً بغلونا أحياناً في الدعوة للتجديد!.

ولست اخالني افجأك بإدلائي أن لشوقي مزلق الصبوة إلى المعارضات، وأشباهها، التي هي من شأن طلاب المدارس أكثر مما هي من منازع الشعراء الفطاحل. إذ هي الرجعية بذاتها، الرجعية بما فيها من مثالب ومساقط. ومادة الشعر العصري يجب تشييدها من باعثات الإحساس النفسي وما تنشئه الذكريات من شجون ويدفعه الوجدان من مثيرات، لا

ما يستوحي من قريحة أخرى ويستعار بن تأوهات، إذ يغدو ما يضمه الشعر عند ذاك ليس سوى عواطف مرئية. منافقة خداعة تستلب حلل غيرها، لتسمو بها وتخدع مبصريها بألوانها القزحية ولا أظنك تجهل يا قارئي العزيز، معارضات شوقي لقصيدة الحصري ولسينية البحتري في التشوق إلى مصر، ولبردة البوصيري في (نهج البردة) وغيرها. وخذ هذا مثالاً ناصعاً:

يا بنت ذي اللبد المحمي جانبه ... ألقاك في الغاب أم ألقاك في الاطم؟

فالشطر الأول يوهمك أنه مأخوذ من شطر مطالع قصيدة أبن هانئ الشهيرة:

يا بنت ذي البرد الطويل نجادة. . .

وما أشبه الشطر الثاني بعجز هذا البيت من قصيدة أبن هانئ أيضاً:

. . . وفي وادي الكرى أم واديك؟

وهنا يا صاح وقفة أخرى لا تقل غرابة، وأغراباً في التقليد عن سابقتها، إذ تكاد تحدثك تلاوة هذه الأبيات، من صدر قصيدة له:

قفي يا أخت يوشع خبرينا! ... أحاديث القرون الغابرينا

وقصي من مصارعهم علينا ... ومن أخبارهم ما تعلمينا

فمثلك من روى الأخبار طراً ... ومن نسب القبائل اجمعينا

ويا لك هرة أكلت بنيها ... وما ولدوا وتنظر البنينا

فتهيج أشجانك وقد تمر على ذهنك سحابة الذكرى، فتخالك تستعرض عقلك عما علق بذاكرتك من قصيدة عمرو بن كلثوم: والتي توهمك بتشابه مطلعها:

<<  <  ج: ص:  >  >>