بما ذكرناه لنبين أن علماء المسلمين عرفوا مصطلحات النصارى أحسن من هذا الارشمندريت العائش في القرن العشرين.
ومن غريب ما يجري في هذا الوادي قوله (ولا تطلب المبحث خارجاً عن تلك الصفحة العجيبة): (لولا زعيمهم أسقف أرفاً يعقوب لزنزلي المشهور بالبرادعي) قلنا: لم يكن في عصر يعقوب البرادعي مدينة باسم (أرفا) إنما هذا الاسم حديث والذي كان معروفاً في ذلك العهد هو الرها. فلو قال أسقف الرها المعروفة بأرفا لعذرناه أما أنه قال مباشرة: أسقف أرفأ فخطاً صريح.
ومن عجيب عمل حضرة الارشمندريت المحترم أنه لم يذكر اسماً واحداً من إعلام المدن أو الرجال إلا وقد أخطأ فيه وما كاد يصيب إلا في علم واحد لا غير أورد بالصورة غير المشهورة عند العرب وهو (نسطوريوس) قال في القاموس في مادة س ط ر: النسطورية بالضم وتفتح أمة من النصارى تخالف بقيتهم وهم أصحاب نسطور الحكيم. . . وهو
بالرومية نسطورس) أهـ. ترى أنه ارتكب ثلاث غلطات في علم واحد.
كل ما أتينا به كان من باب تحقيق الأعلام التي وردت في صفحة واحدة ولم نرد أن نتجاوزها لئلا يتسع الخرق علينا والآن نريد أن نذكر في مقالة هذا من روح التعصب وما قذفته يراعته بحق أناس لم يتعرضوا له ولم يهينوه. فقد قال عن النساطرة الحاليين:(وباتت بدعته (أي بدعة نسطور) تذمى في الكلدان كالخنفساء إلى اليوم) (ص ٢٢٦). - وقال عن القائلين بالمشيئة الواحدة وعن المارونية:(فباتت هذه البدعة تعالج النزع في شيعة الراهب يوحنا مارون التي عرفت (بالمردة)(كذا) وانحصرت على فتن لبنان (كذا، كأن الموارنة ليسوا في سائر بلاد الله) وتسمى الآن (بالمارونية) نسبة إلى الراهب المذكور الذي صار أول عليها (كذا) حتى استوفت أنفاسها أيام ركبات (كذا) الفرنج الصليبيين على الشم سنة ١١٨٢، فأنهم جذبوا الموازنة إلى الخضوع لكنيسة رومية. . . إلا أنهم أبدلوا بدعة (المشيئة الواحدة) بما ابتدعته رومية من الأضاليل (كذا) بعد أن قطعتها الكنيسة عن شركتها في القرن الحادي عشر) أهـ. إلى آخر ما تكلم على هذا الطراز الدال على أدب وحسن ذوق