للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس لليونانيين لفظ يجانس اللاتينية إنما عندهم وأنت تعلم أن ما يبتدئ عند الغربيين بالحرف يقابله عندنا الفاء أو الثاء أو الواو أو الباء وهذا ما نراه في لغتنا. فقد قالوا مثلا: فارت القدر بمعنى غلت. والثور: حمرة الشفة الثائرة وثور الشفق: انتشاره وثورانه. والبؤرة موقد النار. وورى الزند وريا (بالفتح) ووريا (بالضم) ورية (كعدة) خرجت ناره. ووريت الزناد تورى: اتقدت. عن أبي الهيثم. فالنار ظاهرة في جميع الألفاظ التي تبتدئ بما يقابل حرف الباء المثلث النقط من تحت. وقد ذكر الغوي بواساك كلماً مختلفة بازاء اليونانية وبعض تلك الكلم تبتدئ بالباء الفارسية. فئة منها بالفاء وطائفة بالهاء ومنها بالفاء

المثلثة. ومن الغريب أن جمع من المعاني في تلك الكلم المتقاربة لفظاً ومبنى ما يذكرنا بمدلولات ألفاظنا العربية هذه التي ذكرناها ومن أراد التوسع فعليه بمعجم بواساك اليوناني الفرنسي ومقابلته بألفاظ سائر اللغات.

٤ - العنان والغيم

العنان هو السحاب وهو يكاد يكون كذلك في اللغات السامية كلها أي في العبرية والارمية والصابئية (المندائية) وما تفرع منها.

أما الكلمة التي نقلها أصحاب اللغات الأوربية فهي الغيم فقد قال اليونانيون فمعناها عندهم عاصفة الشتاء والشتاء وإذا صيغت اللفظة صيغة النعت أي إذا قيل فمعناها مطر (بفتح وكسر) أو ماطر وقد ذهب فقهاء اللغة عندهم أن اللفظة تقارب الهندية الفصيحة أي أم الشتاء - أي الشتاء - أي برد الشتاء - أي ثلج أي برد. وباللاتينية - أي شتاء ولو أردنا أن نستقصي ذكر جميع الحروف التي وردت في الألسنة الغريبة الدالة على معنى الشتاء أو ما يقاربه لوقع الكلام في عدة صفحات فاجتزأنا بما ذكرنا.

والذي عندنا أن هذه الأوضاع كلها مأخوذة من (الغيم) العربية بمعنى السحاب. وأنت تعلم أن الغيم لا يكون في بلاد الشرق الأدنى إلا في أيام الشتاء ولما كان أصل كل ثلاثي ثنائياً وكان أصل كل مجوف خلوة من حرف العلة في أصل وضعه كان أصل الغيم: الغم. وغم الشيء غما: غطاه وستره والسحاب يغطي السماء ويسترها. ومنه الغمام بمعنى الغيم. ولا يمكنك أن تقول الغيم

<<  <  ج: ص:  >  >>